Saturday, September 29, 2012

جمعيات المجتمع المدني ودستور 2011


 عبد الإلاه مرشد

باحث في العلوم السياسية

نظم قانون الحريات العامة ظهير 1958 المتعلق بالجمعيات وحدد تدخلها وميزها عن التنظيمات الاخرى كالأحزاب السياسية,النقابات المهنية الاتحادات العمالية و المؤسسات التي تشتعل في مجال حقوق الانسان والبناء الديمقراطي.

ان العمل الجمعوي شكل عبر التاريخ المغربي الحديث حقلا للممارسة النضالية،فهو الاطار الذي اطر النشأة الفكرية والسياسية لجيل بأكمله دخل اٍلى السياسة عن طريقه وساهم بشكل فعال في بناء دولة المواطنة ،فهو مدرسة للتربية على الديمقراطية وحقوق الانسان ومساهما في تحقيق الامن الاجتماعي.

واليوم مازال الفاعل الجمعوي يدافع عن القيم الانسانية و قضايا الطفولة والمرأة و الشباب وتنمية طاقاتهم الابداعية و تحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية بروح المواطنة المسؤولية في إطار الديمقراطية التشاركية كما توسعت مجالات التدخل خلال العقدين الاخرين بفعل الممارسة والتطورات و المتغيرات التي عرفها المحيط الوطني والدولي و توج ذك بصدور دستور 01 يوليوز 2011 الذي أرسى معالمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من خلال خطاب التاريخي ل 9 مارس الذي أسس نهاية اٍحتكار المؤسسات لتدبير الشأن العام.

ولعل الوثيقة الدستورية الحالية تظهر بالملموس نضال الحركة الجمعوية مند زمن بعيد حيث اٍرتقت الصلاحيات الجمعوية اٍلى صلاحيات دستورية،باٍعتبار جمعيات المجتمع المدني اليوم بقوة الدستور شريك استراتجي في خدمة المجتمع كما هو الشأن بالنسبة للدساتير الديمقراطية وذلك بجعل المجتمع المدني فاعلا أساسيا على مستوى المشاركة في التشريع من خلال إتاحته للمواطن إمكانية تقديم عرائض إلى المحكمة الدستورية لأول مرة من أجل النظر في إلغاء القوانين التي تتعارض مع مصالحه وتوجهاته.

الفصل 14 من الدستور ينص "للمواطنين والمواطنان ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي الحق في تقديم اقتراحات " كما ينص الفصل 15 أيضا على " أن المواطنين والمواطنات الحق في تقديم عرائض إلى السلطة العمومية ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفية ممارسة هذا الحق " .

وإلى جانب تقديم الدستور لمجموعة من المقتضيات القانونية التي تتيح إشراك المجتمع المدني على مستوى التشريع والتقدم بالمقترحات إلى البرلمان وتقديم عرائض على بعض القوانين ينص الفصل 13 "تعمل السلطات العمومية إلى إعداد هيئة لتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية لتفعليها وتنفيذها وتقييمها"

أما الفصل 139 " يمكن المواطنين و المواطنات و الجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج. تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله. "

يعتبر بند ثوري في الدستور بحيث نجد هذا البند بالدول الديمقراطية مثل سويسرا و المكسيك. المواطن يشارك بطريقة مباشرة، وكذا يساهم في تدبير الشأن المحلي ويقدم اقتراحات وعرائض ويعمل على تتبعها ومراقبتها. فالمواطن له السلطة المادية والمعنوية كما نجد على أن الدول تعترف له بالسيادة والمشروعية وتقدم له الاحترام اللائق به .

أما الدول الغير الديمقراطية نجد على أن المواطن يظهر إلا في فترة الانتخابات بعد مرور خمس سنوات وهذا ليس مواطنا كما أن الانتخابات لا تكون له أي دلالة إلا إذا كان المواطن يعطي أفكار واقتراحات ويقدمها للمجلس الجهوي الذي يدخلها في مجلس العمال.

المواطن فاعل وفعال وعلى المواطنين أن يمارسوا ضغوطاتهم على السلطات والمؤسسات العمومية لأن القانون الأسمى هو الذي أعطاهم هذا الحق و هي سلطة دستورية لازم تفعيلها .

إلا أن تكريس ذلك يبقى رهينا بالممارسة و تنزيل النصوص الدستورية على أرض الواقع وبمدى مساهمة جميع الفرق المعنيين في اقتراح صياغة القوانين التنظيمية لاستكمال البناء المؤسساتي بما يضمن مشاركة المجتمع المدني في كل مستويات صنع القرار،والحديث عن الدور المرتقب للمجتمع المدني في بلادنا سيدعي أن يأخذ بعين الاعتبار واقع العمل الجمعوي،في أفق تأهيله وتمكينه ليلعب دور تشاركي ويساهم في اقتراح اللآليات التي تمكنه من أن يكون في صلب الديمقراطية التشاركية، كطرف فاعل إلى جانب الهيئات المنتخبة.

والسلطات العمومية المنخرطة في الاستراتجية الهادفة إلى عدم تمركز السلطة ومعها الثروة ،وهي المنهجية التي اختارها المغرب اليوم لتدبير تحوله السياسي.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا