Monday, September 24, 2012

الأحكـام و القـرارات الإداريـة الكبـرى فـي القضـاء الفرنسـي


الأحكـام و القـرارات الإداريـة الكبـرى فـي القضـاء الفرنسـي

1- حكم محكمة التنازع الفرنسية – 22 يناير 1921 – الشركة التجارية لغرب إفريقيا

Société commerciale de l’Ouest africain

التعليق:  مؤسسات عامة ذات طابع صناعي و تجاري

بموجب هذا القرار أقرت محكمة التنازع الفرنسية بوجود مرافق عامة تُسَيّر وفق نفس الشروط التي تحكم سير المؤسسات الخاصة وبذلك ظهرت المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي و التجاري.


بيان الوقائع و الإجراءات :

الشركة التجارية لغرب إفريقيا كانت تملك إحدى العربات التي تضررت في الحادث الذي وقع لعبّارة "إيلوكا "  Bac d’Eloka  و هي مصلحة الربط البحري على ضفاف ساحل العاج المستغلة مباشرة من طرف المستعمرة.

و من أجل تحديد القاضي المختص لتعيين الخبير الذي تطالب به الشركة كان على محكمة التنازع أن تحدد ما إذا كانت مصالح ما تابعة للإدارة يمكن أن تعتبر بأنها تسير بنفس الشروط التي تسير بها المؤسسات الخاصة و بالتالي يكون القاضي العادي هو القاضي المختص.

و قد كان من المقبول أن تتصرف الإدارة في بعض العمليات المعزولة مثل الخواص دون استعمال امتيازات السلطة العامة ، و لكن كانت هذه أول مرة يتم قبول الفكرة بالنسبة لمرفق كامل.

و هكذا أصبح بإمكان الإدارة العامة أن تعمد إلى استغلال مرافق عامة وفق هذا الأسلوب .

و من أجل وصف ا لمؤسسات العامة بأنها ذات طابع اقتصادي و تجاري فإن القاضي لا يكتفي بالوصف الوارد في النصوص  إلا إذا كانت تشريعية  و لكنه يبحث عن توافر عدة معايير أهمها
 : موضوع النشاط و مصدر الموارد المالية و كيفيات التسيير.

و إن وصف مؤسسة عامة ما بأنها ذات طابع اقتصادي و تجاري يترتب عليه اختصاص القاضي العادي للفصل في المنازعات المتعلقة بها، غير أن هذه القاعدة ليست عامة في فرنسا و ذلك على التفصيل التالي
:
-
في باب الأضرار الناجمة عن الأشغال العامة التي تحدث للغير و كذا عند حدوث أضرار من طرف هذه المرافق حال استعمالها امتيازات السلطة العامة.

-
و في حالة إبرام المرفق لبعض العقود مثل : عقود تنفيذ الأشغال العامة ،و عقود شغل الدومين العام ، و العقود التي تتضمن شروطا خارجة عن القانون العادي  Clauses exorbitantes du droit commun  .

-
و فيما يتعلق بالعاملين فإن منازعاتهم مع المؤسسة تعود لاختصاص القاضي العادي ما عدا المدير و المحاسب إذا كانت لديه صفة المحاسب العام.

-
و يختص القاضي الإداري بفحص مشروعية القرارات ذات الطابع العام للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي و التجاري .

2- حكم محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 08 فبراير 1873 - قضية بلانكو Blanco

التعليق :

إن محكمة التنازع الفرنسية بموجب قرار بلانكو قد قررت من جهة مسؤولية الدولة عن الأضرار الناجمة عن المرافق العامة ، و من جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بها.

بيان الوقائع و الإجراءات :  مسؤولية مرافق الدولة

تتمثل الوقائع في كون طفل قد صُدم و جُرح بفعل عربة تابعة لشركة التبغ التي تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الاستغلال المباشر.

و قد رفع أب الطفل دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية المدنية عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى 1384 من القانون المدني.

و رفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.

و بذلك أقر قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدّا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها ، غير أنه أخضع هذه المسؤولية لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأفراد و ذلك بفعل حاجيات المرفق العام.

و النتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا لقانون 16 و 24 غشت 1790 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري
 .
و إذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المُنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد أدت إلى تغيير القواعد المعمول بها ، و من ذلك أن المرفق العام لم يعد هو المعيار المتميز لتحديد الاختصاص النوعي وبالخصوص النزاعات المتعلقة بالمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي والتجاري التي أصبحت من اختصاص القضاء العادي . كما أن المشرع قد تدخل في بعض الميادين لتوزيع الاختصاص مثل قانون 31 ديسمبر 1957 الذي أحال على المحاكم العادية منازعات الأضرار التي تتسبب فيها المركبات  مثل قضية بلانكو  .

و قد تكَوّن قانون المسؤولية الإدارية منذ قرار بلانكو على أسُس قضائية بالدرجة الأولى ، و بصفة متميزة عن القانون المدني ، غير أن النتائج المتوصل إليها لم تكن حتما مغايرة للحلول التي توصل إليها القاضي العادي ، كما أنه لم يقع استبعاد قواعد القانون المدني و مبادئه بصفة كلية .

و إذا كانت مِيزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام و المطلق لمسؤولية الدولة ، فإن هذه الأخيرة قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ، سواء بناءً على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة ، وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر من القانون المدني.


3- حكم محكمة التنازع الفرنسية في 08 أبريل 1935 - جريدة " أكسيون الفرنسية " Action Française

التعليق :

هذا القرار كان هو نقطة الانطلاق لنظرية التعدي La théorie de la voie de fait .

بيان الوقائع و الإجراءات :

صبيحة 07 فبراير 1934 قام محافظ الشرطة بباريس بحجز جريدة لاكسيون الفرنسية لدى كل المستودعين في باريس و في محافظة السين.
و قامت الجريدة بمرافعته أمام القضاء العادي و وصل الأمر إلى محكمة التنازع التي قضت بأن الإجراء المطعون فيه يشكل تعديا يستتبع اختصاص القاضي العادي.

و بعد ذلك التاريخ حدد الاجتهاد القضائي معالم التعدي ، فنص على وجوده في حالة المساس الخطير بإحدى الحريات الأساسية أو بالملكية الخاصة عن طريق قرار إداري يكون غير مرتبط بكل وضوح بالسلطات المخولة للإدارة ، أو عن طريق التنفيذ الجبري لقرار إداري حتى ولو كان شرعيا و لكن لم تكن الإدارة مخولة لتنفيذه بالقوة.

فالتنفيذ الجبري لقرار إداري لا يكون مشروعا إلا إذا كان القانون ينص عليه صراحة ، أو كانت هناك حالة استعجال تتطلب ذلك ، أو لم تكن هناك أية عقوبة جزائية في حالة مخالفة القرار الإداري.

و يترتب على نظرية التعدي نتائج هامة للغاية : فتصرف الإدارة بخروجها عن إطار الشرعية يؤدي إلى تشويه تصرفاتها و بالتالي لا يعود هناك  في فرنسا  فصل بين القضاء الإداري و العادي ، و يكون لهذا الأخير الولاية القضائية الكاملة لمعاينة التعدي و توجيه الأوامر للإدارة للكف عن التعدي و تعويض ما حدث من ضرر. أما القاضي الإداري  في فرنسا  إذا عرض عليه قرار إداري يشكل تعديا فإنه يكتفي بمعاينة ذلك و يعتبر القرار لاغيا و بلا أثر.

4- حكم محكمة التنازع الفرنسية في 02 ديسمبر 1902 الشركة العقارية سان جيست

Société immobilière de Saint-Just

التعليقتنفيذ الإدارة لقراراتها جبراً 

هذا القرار مشفوعا بشروح محافظ الحكومة روميو Le commissaire du -gouvernement Romieu - يقر بأن من حق الإدارة اللجوء إلى التنفيذ الجبري لقراراتها و يحدد شروط ذلك.

بيان الوقائع و الإجراءات :

الشركة العقارية "سان جيست" كانت تملك عقارا تقيم فيه راهبات جماعة دينية. وتنفيذا لمرسوم قضى بغلق هذه المؤسسة غير المرخص لها ، قرر محافظ محافظة الرّون الإخلاء الفوري للعمارات و وضع الأختام على الأبواب و النوافذ، و تم تنفيذ ذلك في اليوم ذاته . و طالبت الشركة قضائيًا برفع الأختام و وصل الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري على أساس أن الإدارة تملك امتياز التنفيذ التلقائي ، أي أنها من أجل تنفيذ قراراتها يمكنها اللجوء إلى التنفيذ الجبري ، بخلاف المتقاضين الأفراد ، و يعود الاختصاص في حالة النزاع إلى القضاء الإداري.

و ما لم يرد صراحة في منطوق هذا الحكم و لكنه مشروح في مذكرة محافظ الدولة روميو التي تعتبر إلى اليوم " قانون التنفيذ الجبري " هو أن امتياز التنفيذ التلقائي محددَ المجال و لا يطبق إلا بصفة ثانوية. فالقاعدة أن الإدارة لا تقوم بالتنفيذ الجبري لقراراتها بل إنها تستعمل ما بحوزتها من عقوبات جزائية أو إدارية ، و ليس التنفيذ الجبري إلا وسيلة ثانوية تلجأ إليها الإدارة في حالة عدم وجود أي نص عقابي حتى لا تبقى مكتوفة الأيدي. و قد توسع اجتهاد القضاء الإداري في فرنسا في منع الإدارة من اللجوء إلى التنفيذ التلقائي كلما كان هنالك أمام الإدارة سبيل آخر للوصول إلى غايتها.

و إلى جانب هذا الشرط الجوهري ، فإن اللجوء إلى التنفيذ التلقائي لا يكون مشروعا إلا إذا :

-
كان القرار الإداري المراد تنفيذه يجد مصدره في نص قانوني.

-
و أن الإدارة وجدت نفسها أمام مقاومة المنفذ عليه.

-
و أن إجراءات التنفيذ التلقائي لا تتجاوز ما هو ضروري لفرض احترام القانون فقط.

و هذا التحديدُ الواردُ بشأن التنفيذ التلقائي حسب قرار 02 ديسمبر 1902 يتميز عن الحالتين الأخرَيَيْن اللتيْن يُسمح فيهما للإدارة بالتنفيذ التلقائي و هما :

-
حالة الاستعجال
  L’urgence  .

-
وجود نص قانوني يسمح بذلك  مثل حالة وضع المركبات في الحظيرة في قانون المرور  .


5- قرار مجلس الدولة الفرنسي في 31 ماي 1957 - قضية روزان جيرار Rosan Girard

التعليقالقرارات الإدارية المعدومة 

بموجب هذا القرار قضى مجلس الدولة الفرنسي أن بعض قرارات الإدارة تكون مشوبة بعدم الشرعية إلى درجة أن ينظر إليها كأنها غير موجودة ، و بالتالي يمكن منازعتها أو استبعادها في أي وقت ، حتى ولو كان أجل الطعن فيها قد فات وانقضى.

بيان الوقائع و الإجراءات :

إن الانتخابات المحلية في بلدية مول في قوادالوب La commune du Moule à la Guadeloupe في شهر أبريل 1953 تميزت ببعض الاضطرابات التي دفعت المحافظ عند عمليات الفرز أن يطلب من رئيس البلدية - المنتهية ولايته - الذي يرأس مكتب تركيز النتائج نقل صناديق الاقتراع إلى مجلس المحافظة حتى يتولى المحافظ بنفسه فرز الأصوات و إعلان النتائج .

رئيس البلدية رفض ، غير أن أحد الصناديق تم حجزه من طرف رجال الدرك ، ولكن مع ذلك صرح مكتب التركيز بالنتائج و أعلن فوز رئيس البلدية المنتهية ولايته.

عندئذ قرر المحافظ إلغاء تلك الانتخابات و شكل مندوبية بلدية خاصة أعادت الانتخابات و نتج عنها انهزام رئيس البلدية المنتهية ولايته دون إحالة الأمر على قاضي الانتخابات.

السيد روزان جيرار طعن بالإلغاء ضد قرار المحافظ القاضي ببطلان الانتخابات وإعادتها من جديد ، و قد استجاب له مجلس الدولة رغم أن أجل الطعن قد انقضى واعتبر مجلس الدولة أن القرار المطعون فيه يعتبر لاغيا و بدون أثر بسبب خطورة تعدي الإدارة على صلاحيات قاضي الانتخابات.

و مجلس الدولة الفرنسي لا يقرر بأن القرار الإداري "يعتبر قانونيا غير موجود" إلا في حالات نادرة ، فالقرار غير الموجود قانونيا يكون مشوبا بعيوب فاضحة وجسيمة الخطورة إلى درجة تُقرّبُه من فعل التعدي ، أي أن القرار الإداري يكون منقطع الصلة بصفة واضحة بالسلطات الشرعية للإدارة و فيه مساس خطير بحق الملكية أو بإحدى الحريات الأساسية.

و القرار المعدوم يمكن طرحه أمام قاضي تجاوز السلطة في أي وقت دون التقيّد بأي أجل ، و يمكن سحبه في كل حين ، و لا يمكن أن تنشأ عنه أية حقوق ، و أخيرا فإن القاضي يمكنه أن يثير تلقائيا هذا العيب

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا