Friday, October 12, 2012

الامر بالاداء : شروط الموضوع والشكل


طبيعة الامر بالاداء
وشروطه الموضوعية والشكلية
قي إطار قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي

الأستاذ بولمان محمد
محام بهيئة مراكش

تعتبر مسطرة الامر بالاداء من اهم اشكال المساطر الخاصة التي نظمها المشرع في القسم الرابع من ق م م الفصول من 155 الى165 وتبدو هذه المسطرة نظرا لبساطتها وسرعتها مفيدة وفعالة في استخلاص الديون التي لا تحتاج إلى تحقيق كامل لثبوتها بالكتابة.
وحسب التجربة، فان اكثر المقالات المقدمة في اطارها قد قبلت من طرف القضاء، ومرد ذلك إلى ان المشرع قد قيد استعمالها بشروط شكلية وموضوعية، قدر انها كافية لحماية حقوق المدين، ولجعل القاضي اكثر اطمئنانا لما يصدره من اوامر في نطاقها.

وسنتناول بعض جوانب هذا الموضوع من خلال العناوين التالية :
ـ طبيعة الامر بالاداء
ـ شروطه الموضوعية،
ـ شروطه الشكلية،
ـ تبليغ الامر بالاداء.

طبيعة الامر بالاداء
ان المشرع المغربي قد نظم الاوامر المبنية على طلب باعتبارها المثال النموذجي للاوامر الولائية، فنص في الفصل 148 من ق م م على ان هذه الاوامر تبنى على مجرد طلبات يخص النظر فيها رئيس المحكمة الابتدائية وتصدر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط.

ويبدو ان ملامح هذا النظام  تكاد تكون مطابقة لما استقر عليه الفقه من  ان الاوامر الولائية ـ عموما ـ تطلب " بعريضة" يختص بالبت فيها قاض منفرد باعتباره مكلفا بمهام، وتصدر في غيبة الأطراف على شكل امر غير معلل.
اما الاوامر بالاداء وان كانت بدورها تخضع لنظام يشبه في شكله العام نظام الاوامر الولائية خاصة من حيث صدورها في غيبة الأطراف واتخاذها شكل الامر، فان هذا التشابه ـ مع ذلك ـ لا يقطع في الدلالة على تشابه في طبيعة العملية كذلك، بل ان البحث يؤكد على وجود اختلافات بينهما، نشير إلى بعضها فيما يلي :

اختلاف مبررات الغيبة
ان " الغيبة في الاوامر بالاداء تجد مبرراتها في صرامة الشكليات والشروط اللازمة لاستصدارها واصدارها، وفي التاكيد ـ نصا ـ على ان مجرد ظهور أي اغفال أو اخلال في طلبها يؤدي إلى رفضها بامر معلل واحالة الطالب على المحكمة المختصة تبعا للاجراءات العادية، دون  ـ حتى تنبيه ـ قبل ذلك ـ إلى البيانات غير التامة أو التي وقع اغفالها  في طلبه طبقا لما ينص عليه الفصل 132 من ق م م ودون مراعاة لمقتضيات الفقرة الاخيرة من الفصل49 من ق م م التي توصي القاضي بعدم قبول حالات البطلان والاخلالات الشكلية والمسطرية الا  إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعلا كما لو ان الضرر فيها مفترض أو حتى له علاقة بالنظام العام.

ولذلك فان المشرع وان كان قد غيب المدعى عليه في هذه المسطرة الا انه قد اشترط ما يكفي من الشروط لحماية حقوق في غيابه.
اما الغيبة في الاوامر الولائية فتجد مبرراتها.
أولا : في النص عليها صراحة ـ الفصل 148 من ق م م. "... ويصدرون الامر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط...."
وثانيا : في الطبيعة الاستعجالية ـ الوقتية ـ  لتلك الاوامر نفسها وعدم إضرارها بحقوق الأطراف وامكانية الرجوع إليهم في حالة وجود صعوبة ـ الفصل 148 من ق م م.

اختلاف ماهية الشكل
إذا كان العمل الصادر في اطار مسطرة  الامر بالاداء ياخذ شكل الامر مثله مثل العمل الولائي، فان اتخاذه لذلك الشكل لا يعني انه عمل ولائي من حيث طبيعته بل ان صدوره ـ فقط ـ ضمن نفس الإجراءات التي تصدر في اطار الاوامر الولائية ـ  عموما ـ هو ما فرض عليه اتخاذ ذلك الشكل.

اختلافات اخرى
ثم ان طلبات الاوامر الولائية تقدم في شكل عريضة، والاوامر الصادرة بناء عليها، لا تكون قابلة للاستئناف الا في حالة الرفض وتنفذ بمحضر يمكن تبليغه إلى كل من يعنيه الامر بناء على طلب الطرف الملتمس للاجراء.
اما طلبات الامر بالاداء فتقدم ـ كسائر الدعاوى ـ بمقال مكتوب يتضمن بيانات خاصة ويرفق بمستندات خاصة كذلك والاوامر الصادرة
بناء عليها لا تقبل الاستئناف في حالة الرفض ـ عكس الاوامر الولائية كما انها لا تبلغ الا إذا كانت موافقة للطلب.

الامر بالاداء عمل قضائي
لئن كان الراي حول طبيعة الامر بالاداء لا يسير في اتجاه واحد اذ هناك من يعتبره عملا قضائيا وهناك من يعتبره عملا ولائيا، فان غالبية الشراح يعتبرونه عملا قضائيا " اذ يتضمن قضاء فاصلا في خصومه ويصدر في موضوع دعوى رفعت بالاجراءات التي رسمها القانون لهذه الدعوى" امينة النمر، اوامر الاداء، طبعة2، سنة 1975، صفحة 38.
وفي بحثه عن طبيعة هذه الاوامر اكد الأستاذ زعيم ابراهيم انه : " لئن كان الامر بالاداء  ينبثق من إجراءات ولائية بحثة، فهو بمثابة حكم، وذلك متى قضى بالاداء، لانه يتضمن في هذه الحالة قضاء قطعيا بمديونية المدين الصادر ضده الامر ..."  مجلة القضاء والقانون، العدد138، صفحة84.

ويمكن زيادة في تاصيل هذا الاتجاه القول بان المشرع  اعتبر وقائع طلب الامر بالاداء  بمثابة دعوى اذ جاء في الفصل 156 من ق م م  ما يلي : " ترفع الدعوى ..." وهو يعني : " طلب تادية مبلغ مالي يتجاوز الف درهم مستحق بموجب سند أو اعتراف بدين..."

ثم انه قد خص هذه الدعوى بمسطرة حدد معالمها في الفصول من 155 إلى 165 من ق م م الواردة في القسم الرابع من ق م م تحت عنوان المساطر الخاصة بالاستعجال ـ مسطرة الامر بالاداء.
وما دامت الدعوى في احد وجوهها في الحق في الحصول على الحماية القضائية متى توافرت شروطها القانونية، فان العمل الذي يصدر نتيجة لمباشرتها هو عمل قضائي بعض النظر عن  الإجراءات المسطرية المؤطرة له.
فهو عمل قضائي يصدر نتيجة خصومة قضائية خاصة في شكل خاص، الوسيط في قانون القضاء المدني، للدكتور فتحي والي، طبعة2، سنة1981.

واذا كان العمل القضائي في التعريف الذي نفضله ما هو الا تعبير عن ارادة القاضي تتجه إلى تقييد الخصوم برايه في ادعاءاتهم ويحترم القانون هذه النية ويقيدهم فعلا برايه، ( وجدي راغب، النظرية العامة للعمل القضائي) فيمكن القول بان القانون المغربي  قد اعتبر الامر بالاداء من قبيل التعبير عن تلك الإرادة عندما نص في الفصل 156 من ق م م  على انه  : " اذ ظهر له ـ أي  لرئيس المحكمة الابتدائية وهو يبت في دعوى الامر  بالاداء ـ ان الدين ثابت ضمن الشروط المحددة  في الفصل 155 اصدر باسفل المقال امرا بقبول الطلب قاضيا على المدين بالاداء مع الصوائر " وبالاضافة إلى صراحة هذا النص في اعتبار الامر بالاداء قضاء قطعيا الزاميا فان تنفيذه جبرا على المحكوم عليه يتم بكل الطرق القانونية وخاصة بطريق الحجز على امواله المنقولة شانه في ذلك شان  كل الاحكام الالزامية الفصل 160 من ق م م كما انه ـ أي الامر بالاداء ـ يكتسب حجية الشيء المحكوم به بين اطرافه فلا يجوز لهم طرح نفس الموضوع بنفس السبب على القضاء مجددا وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، مع التذكر بان القانون المغربي لم يرق بهذه الحجية إلى مستوى النظام العام بحيث  يمكن للقاضي اثارتها تلقائيا.

وعموما، فان طلب تادية مبلغ مالي لا يمكن تقديمه الا لمحكمة الموضوع طبقا للاجراءات  المألوفة في رفع الدعاوي  لتصدر فيه حكما قطعيا ملزما لاطرافه، غير ان الالتجاء إلى المحكمة بما تقتضيه مسطرتها من بحث وتحقيق قد يبدو مضيعة للوقت في بعض الحالات خاصة متى كان المبلغ المطلوب مستحقا بموجب سند أو اعتراف بدين لذلك ارتأى  المشرع ان يفرد لمثل هذا الطلب مسطرة خاصة، سماها مسطرة الامر بالاداء واختار لها شكل الاوامر الولائية نظرا لسهولتها وسرعتها.

كما احتفظ لها ـ في نفس الوقت ـ ببعض احكام المسطرة العادية كافتتاحها بمقال ـ لا بعريضة فقط ـ  وانتهائها بحكم قطعي الزامي ولو في شكل امر.

الشروط الموضوعية
شروط الدين سبب المطالبة بالامر
اشترط الفصل 155 من ق م م  لاجراء مسطرة الامر بالاداء، ان يكون الدين موضوع المطالبة، مبلغا ماليا يتجاوز الف درهم، مستحق الاداء وثابتا بالكتابة.

شرط النقدية
ليست كل  الديون قابلة لان تكون  موضوع مسطرة الامر بالاداء ـ بل لا بد ان يكون محل التزام المدين بها دفع  مبلغ من النقود، على اعتبار ان الديون النقدية لا تثير مبدئيا أي نزاع  بين
اطرافها اذ غالبا ما تكون ثابتة بسند.
اما إذا كان الدين عبارة عن التزام  باعطاء شيء أو القيام بعمل أو بالامتناع عن عمل فلا يمكن أن تجرى بشان الوفاء به مسطرة الامر بالاداء.

وفي حالة تعدد التزامات المدين بان كان بعضها دينا نقديا وبعضها الاخر ليس كذلك فان للدائن ان يلتجئ إلى مسطرة الامر بالاداء فيما يخص الدين النقدي إذا كان مستقلا بذاته، ويراجع محكمة الموضوع عن طريق دعوى عادية في غيره من الالتزامات الاخرى غير النقدية.

واذا كان الدين النقدي نفسه مرتبطا بالتزامات اخرى فليس أمام الدائن الا المسطرة العادية للمطالبة بحقوقه النقدية وغيرها سواء كان هذا الارتباط قابلا للتجزئة أو غير قابل لها لاحتمال المنازعة في وجوب الاداء.

شرط تعيين المقدار
يجب ان يكون الدين النقدي معين المقدار كما تؤكد على ذلك قواعد قانون المدين ـ الفصل 58 من ق م م ـ كما يستفاد من عبارة " البيان الدقيق للمبلغ المطلوب " الواردة في الفصل156 من ق م م وتعيين  المقدار لا بد منه لمعرفة ما اذا كان الدين قد بلغ الحد المشروط لامكان اجراء مسطرة الامر بالاداء وهو الف درهم علاوة على انه ينفي احتمال المنازعة في الدين المطلوب، ولذلك فالمفروض ان يكون كذلك قائما على أساس ثابت تضيق معه سلطة القاضي في التقدير، فالدين الناشئ مثلا عن حساب جار لا يمكن ان تجري بشانه مسطرة الامر بالاداء لكونه غير معين المقدار ويحتاج إلى تحقيق كامل من طرف القضاء وهو ما يتنافى مع بساطة وسرعة هذه المسطرة.

لا اهمية  لمصدر الدين ونوعه
لم يشترط القانون لطلب تادية مبلغ مالي في اطار مسطرة الامر بالاداء ان يكون المبلغ المطلوب ناشئ عن مصدر معين بذاته ـ العقد مثلا ـ بل يكفي ان يكون المبلغ المطلوب مستحق الاداء بموجب سند أو اعتراف بدين أي ان يكون ثابتا بسند كتابي ايا كان أساس التزام المدين به سواء كان عقدا أو غيره من مصادر الالتزام الاخرى.
كما ان المشرع لم يشترط ان يكون الدين مدنيا أو تجاريا فالفصل 155 من ق م م حين نص على امكانية سلوك مسطرة الامر بالاداء لم يستلزم لا الاشارة الى نوع الدين ولا إلى اثباته ـ أي النوع  ـ وعليه فان نظام الامر بالاداء يشمل كل طلب تادية مبلغ مالي كيفما كان نوعه دون اعتبار لما إذا كان المبلغ المطلوب دينا تجاريا أو مدنيا، ولكلمة " كل " الواردة في النص دلالتها في هذا الاتجاه.

كون الدين مستحقا
ويجب حسب المنصوص عليه في الفصل 155 من ق م م ان يكون المبلغ المالي المطلوب مستحقا أي الا يكون معلقا على شرط واقف أو مضافا إلى اجل واقف. ذلك ان الدائن في هذه الحالات لا يستطيع اجبار مدينه على الاداء الا إذا تحقق الشرط أو حل الاجل أو سقط  أو وقع التنازل  عنه.
اما إذا كان معلقا على شرط فاسخ أو مقترنا باجل فاسخ ففي استطاعة الدائن الالتجاء إلى  مسطرة الامر بالاداء لاقتضاء حقه لكون الدين في هذه الحالات حالا وواجب الاداء.

شرط الاثبات بالكتابة
يمكن استخلاص وجود هذا الشرط مما ورد في نص الفصلين 155 و156 من ق م م من الفاظ وعبارات مثل " السند" " اعتراف بدين"، " موجب الطلب" " السند الذي يثبت صحة الدين" وهو شرط فرضته ـ على ما يبدو ـ طبيعة المسطرة لما تتميز به من بساطة وسرعة في استخلاص الديون الشيء الذي يقتضي في مقابل ذلك نوعا من التشدد في اثبات تلك الديون حفاظا على حقوق المدين " الغائب" والكتابة ـ الموقع عليها من طرف المدين ـ اقوى مراتب الاثبات  فعن طريقها يتاكد وجود الدين ومقداره كما تضعف معها احتمالات المنازعة فيه، ومادام ان استصدار الامر بالاداء يقتضي وجود دين متمثل في مبلغ مالي يتجاوز الف درهم، معين المقدار، فان الكتابة يجب ان تقطع في كل ذلك، واذا تعلق الامر بالتزام معلق على شرط أو مضاف إلى اجل فيجب على الدائن ان يضيف إلى سنده الكتابي ما يثبت تحقق الشرط أو حلول الاجل أو سقوطه أو تنازل المدين عنه.

اما إذا تعلق الامر بالتزام مقابل ـ العقود الملزمة للجانبين ـ فيجب على الدائن اثبات تنفيذ ما التزم به أولا طبقا لما ينص عليه الفصل 234 من ق م م واذا تبين من ظاهر تلك الكتابة ـ عموما ـ ان الدين قد يكون محل نزاع بين اطرافه كما إذا احتاج إلى ندب خبير في الحسابات أو كانت الكتابة نفسها ناقصة في الاثبات أو انها في حاجة إلى اداء اليمين أو إلى تعزيزها بالقرائن امتنع على القاضي اصدار الامر بالاداء.

توافر مقتضيات الفصل 175 من ق م م
وحسب النصوص عليها في الفصل 157 من ق م م  فانه من غير الجائز اصدار امر بالاداء إذا كان من الواجب تبلغه إلى الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن معروف بتراب المملكة.

الشروط الشكلية
طلب الامر بالاداء يقدم في شكل مقال
بخلاف العديد من التشريعات العربية التي اخذت قوانينها بالعريضة كشكل لطلب الامر بالاداء، فان المشرع المغربي قد اختار ـ شكل المقال ـ  فبعد النص على امكانية اجراء مسطرة الامر بالاداء كل طلب تادية مبلغ مالي ـ الفصل 155 من ق م م ـ احال ـ فيما يخص شكل هذا الطلب ـ على الشروط المشار إليها في القسم الثالث من  قانون المسطرة المدنية ـ الفصل 156 من ق م م.

والدعوى حسب فصول هذا القسم  ـ خاصة الفصل31 ترفع بمقال مكتوب، علاوة على ان الفصل 156 من فقرته الثانية وهو بصدد تحديد مضمنات طلب الامر استعمل لفظة : " ... المقال .."
كما ان هذا الاختيار يتاكد من خلال عبارات : " يختص... بالبت في مقالات الامر بالاداء .... و " ... اصدر باسفل المقال... " وتسجل المقالات ..."، الواردة في الفصلين 158 و159 من ق م م.
هذا وقد اعتبر الأستاذ ابراهيم زعيم تقديم الطلب في صورة مقال مكتوب شرطا شكليا لممارسة مسطرة الامر بالأداء- مسطرة الامر بالاداء في القانون المغربي، مجلة القضاء والقانون، العدد 138، ص74 و75.

وبالرغم من ذلك فيبدو من خل البيانات الواجبة سواء في العرائض حسب التشريعات التي اخذت بهذا الشكل تقديم طلبات الامر بالاداء أو في المقالات حسب التشريع المغربي ان الامر لا  يعدو ان يكون اختلافا في التسمية لا اكثر ولا اقل، ذلك ان القانون المغربي يشترط تضمين مقالات الامر بالاداء الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب، وان تكون موقعة بطبيعة الحال.

والمستفاد ـ كذلك ـ من نص المادة 203 من قانون المرافعات المصري والمادتين 780 و782 ليبي والمادة 175 كويتي، والمادة 175 جزائري ان العريضة يجب ان تشتمل على وقائع الطلب وأسانيده واسم المدين  كاملا ومحل اقامته وكذا التعريف بالدائن ـ حسب الفقه ـ والمبلغ المطلوب مع اداء الرسم كاملا. وهي تقريبا نفس البيانات المتطلبة في مقالات الامر بالاداء حسب المذكور أعلاه  بالنسبة للقانون المغربي.

ومع ذلك فان اختيار المشرع المغربي، شكل المقال، لتقديم طلبات الامر بالاداء اقرب إلى طبيعة هذه الاوامر منها إلى طبيعة الاوامر الاخرى التي تصدر بناء على مجرد طلب أو عريضة كما سبق بيانه.

وجوب الاستعانة بمحام لتقديم مقالات الامر بالاداء
إذا كان كل من ظهير 20/1/1951 وظهير27 يوليوز1970 قد نص على ان المدعي في طلبات الامر بالاداء غير ملزم بالاستعانة بمحام.
واذا كانت فصول المسطرة المدنية ـ لسنة 1974 ـ قد الغت ذلك المقتضى بتنظيمها لنفس موضوع الظهيرين المذكورين دون الاشارة إليه.

فهل معنى ذلك، ان الاستعانة بمحام في تقديم مقالات الامر بالاداء اصبحت امرا لازما ؟
يرى البعض عن حق ـ الأستاذ ابراهيم زعيم ـ ان الجواب عن هذا السؤال بالايجاب يتعارض مع قانون المهنة رقم : 19-79 ـ قديم ـ المنظم لنقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة الذي لا يستوجب توكيل المحامي الا حين  تكون المسطرة كتابية ومسطرة الامر بالاداء لا تتصور فيها المحامي الا حين تكون المسطرة الكتابية التي تقتض تبادل المذكرات  بل هي تمارس في غيبة الخصم وبدون مرافعة : فالفصل 34 من قانون المهنة المذكور ينص على ما يلي : " تقدم وجوبا وبواسطة محام المقالات والمذكرات الدفاعية وبوجه عام كل المستنتجات في جميع القضايا باستثناء القضايا الجنائية كلما كانت المسطرة كتابية بمقتضى القانون"، مجلة القضاء والقانون، العدد 138، ص.76.

الا ان هذا الراي اصبح محل نظر بعد صدور القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة ـ القانون رقم 1.93.162 بتاريخ 10/9/93 وبعد العديد من التغييرات التي ادخلت على قانون المسطرة المدنية ـ الظهير رقم 1.93.206 بتاريخ 10/9/93.
فالمادة 31 من القانون الجديد للمهنة تنص على ان المحامين هم وحدهم المؤهلون لتقديم المقالات في جميع القضايا باستثناء بعض القضايا المشار إليها حصرا في نفس النص.

وبطبيعة الحال، فان مقالات الامر بالاداء تدخل ضمن المقالات المشار إليها في هذا النص ولا يمكن استثناؤها منها، خاصة وان المشرع المغربي قد اختار شكل المقال لتقديم طلبات الامر بالاداء كما سبقت الاشارة إلى ذلك.
كما ان هذه المادة ـ المادة31 من القانون الجديد للمهنة لم تشترط المسطرة الكتابية لوجوب تقديم المقالات بواسطة المحامي كما كان الامر في ظل الفصل 34 ( القانون الملغى القانون رقم 19.79).

ثم ان المسطرة الكتابية اصبحت تطبق ـ كمبدا ـ على جميع القضايا المعروضة على المحاكم الابتدائية باستثناء البعض منها كما هو صريح الفصل 45 من ق م م المعدل مؤخرا : تطبق اوامر المحاكم الابتدائية قواعد المسطرة الكتابية.... غير ان المسطرة  تكون شفوية في القضايا التالية :

- القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا.
ـ قضايا النفقة،
ـ القضايا الاجتماعية،
ـ قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء،
ـ قضاء الحالة المدنية.

وعلى اية حالة فمسالة الاستعانة بمحام تبدو كتوجه فرضته مجموعة من العوامل السياسية  والاقتصادية والمجتمعية، ولا علاقة لها بطبيعة المسطرة هل هي كتابية ام شفوية، وبالتالي فتقريرها يحتاج إلى نص تشريعي لا إلى تبرير فقهي.
ويظهر من قراءة النصوص الجديدة لقانون مهنة المحاماة والتعديلات التي ادخلت على بعض فصول المسطرة المدنية لسنة 1974، ان موقف المشرع  من هذه المسالة اصبح  واضحا في اتجاه اطلاق الاستعانة بالمحامي في جميع المساطر القضائية.

فبالإضافة إلى المادة31 من قانون المهنة ـ الجديد ـ التي اعترفت للمحامين وحدهم  باهلية  تقديم المقالات والاستنتاجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستثناء القليل منها : القضايا الجنائية القضائية الانتهائية، قضايا النفقة ابتدائيا، واستئنافيا.

فان المادة 32 من نفس القانون قد ضيقت من مجال الترخيص لغير المحامي بمباشرة المسطرة بنفسه أو بواسطة غيره من المشار إليه في الفصل 32 من  ق م م بان جعلته مقصورا على المحاكم الابتدائية التي لا يستقر بدائرتها القضائية عدد كاف من المحامين ـ دون محاكم  الاستئناف.

كما انها ضيقت حتى من امكانية منحه ـ الترخيص ـ  باشتراطها توفر الكفاءة اللازمة في طالبه.
ثم ان المادة الثانية من الظهير المحدث للمحاكم الإدارية قد اشترطت بدورها في مقال الدعوى ان يكون مكتوبا وموقعا عليه من طرف محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المغرب.

وعلى العموم، فانه من الصعب عمليا تحريك القاضي بغير المكتوب وحتى امكانية رفع الدعوى أمام المحاكم الابتدائية بتصريح شخصي شفوي يحرر به محضر فانه نادرا ما يقع اللجوء إليها، هذا ان لم نقل انها الغيت بعدم استعمالها، علاوة على ان المشرع لم يسمح بها في رفع دعوى الامر بالاداء كما يستخلص من الفصول المنظمة لهذه المسطرة، واذا كان لا بد من تبرير هذا التشريع أو لهذا التوجه فان المحامي رجل متخصص ومسؤول، يتمتع بمعرفة قانونية وكفاءة وخبرة قلما تتوفر في غيره، خاصة في المجال المسطري والاجرائي المتضخم باستمرار، ثم ان حضور الخصوم بانفسهم أمام القضاء يدخل في القضية سلوكا عاطفيا قد يضر بالسير المنتظم للوظيفة القضائية الدكتور فتحي والي الوسيط في قانون القضاء المدني، ص369، الطبعة الثانية لسنة 1981. وهكذا فان الاستعانة بمحام لتقديم مقالات الامر بالاداء ـ موضوع هذه العجالة  اصبحت لازمة في ظل التشريعات المسطرية الجديدة التي تنزع ـ على ما يظهر ـ إلى تحديث طرق الالتجاء إلى القضاء توفيرا للجهد والوقت وتحسينا  للاداء كذلك.

تضمينات مقال الامر بالاداء ومرفقاته
تقدم طلبات الامر بالاداء،  - في القانون المغربي ـ  في شكل مقال  مكتوب  وموقع عليه كما سبق بيانه.
واذا كانت الشروط المحالة عليها بمقتضى الفصل 156 من ق م م تجيز رفع الدعاوي عموما اما بمقال مكتوب أو بتصريح شفوي، فان كل الفصول الاخرى المنظمة لمسطرة الامر بالاداء لا تسمح بهذا الخيار خاصة الفصل 159 الذي ينص على تسجيل مقالات الامر بالاداء ـ فقط ـ دون التصريحات الشفوية المنصوص على تحرير محضر بها في الفصل 31 من ق م م المتعلق برفع الدعاوي إلى المحاكم الابتدائية، علاوة على ان هذه المقالات يجب ان تبلغ هي نفسها في حالة قبولها إلى المدين مع سند الدين والامر بالاداء، الفصل 161 من ق م م.

تضمينات المقال
بيانات تتعلق بالاطراف
ويجب ان يتضمن المقال كل البيانات المفيدة في التعريف بالدائن والمدين ومهمتهما وموطنهما ويكفي لذلك ذكر الاسم  العائلي والشخصي لكل طرف ومهنته ومحل سكناه العادي أو مركز اعماله أو مصالحه أو مركزه الاجتماعي إذا تعلق الامر بشركة.

وبالرغم من الفصل 158 من ق م م. يبيح للسيد رئيس المحكمة الابتدائية التصريح بعدم قبول طلب الامر بالاداء إذا ظهر له ان الدين ثابت لكن ليس ضمن الشروط المشار إليها في الفصل 155 والمفصلة في الفصل 156 بعده والتي من بينها شرط التعريف بالاطراف.
فاننا نعتقد انه متى تحققت الغاية ـ أي التعريف باطراف الدعوى عن طريق الوثائق الاخرى المرفقة بالمقال كسند الدين ـ فانه لا مبرر للتصريح بعدم القبول.

بيانات تتعلق بالدين
ويجب كذلك ان يتضمن الامر بالاداء البيان الدقيق للمبلغ المطلوب، وموجب الطلب، ويتحقق هذا بتحديد مبلغ الدين وكيفية نشوءه وكيفية استحقاقه كذلك.
اما بيان موجب الطلب أي سببه فيتحقق بالاشارة إلى الوقائع التي تنشئ الحق في الحماية القضائية أي في الدعوى.

مرفقات المقال
كما يجب ارفاق المقال بسند الدين وتعزيزه عن الاقتضاء  بالسند المثبت لصحة ذلك الدين الفقرة الاخيرة من الفصل 156 ولعل المقصود بذلك الادلاء بمكتوب يثبت الوقائع القانونية غير الواردة في سند الدين  نفسه كالادلاء بما يفيد ان المدين اختار الوفاء بالنقود إذا كان الالزام بدليا أو تخييريا، أو ان الخيار للدائن أو الادلاء بما يثبت انقضاء الاجل الواقف أو التنازل عنه أو سقوطه أو بما يثبت تحقق الشرط الواقف متى كان الالتزام معلقا على ذلك أو بما يفيد وفاء الدائن بالتزامه المقابل.

ويجب على الطالب ان يؤدي الرسم القضائي عن مقاله طبقا للفصل 29 من ظهير27/4/1984 بمثابة قانون المالية لسنة 1984.

لا ضرورة لتكليف المدين بالاداء قبل تقديم طلب الامر
نصت قوانين بعض الدول العربية على وجوب تكليف المدين بالوفاء قبل تقديم عريضة الامر بالاداء المادة 202 من قانون المرافعات المصري والمادة 779 من القانون الليبي المادة 174 من القانون الكويتي.
نظرا لما يحققه هذا التكليف من مزايا كتنبيه المدين إلى الوفاء بدينه قبل استصدار امر ضده  وتفادي اجراءات التقاضي بما تكلفه من جهد ومال، فقد اعتبر هذا التكليف شرطا شكليا لابد من تحققه لامكان  اصدار الامر بالاداء، وإلا كان الامر باطلا يجوز التظلم منه لهذا السبب.

وبخلاف هذه التشريعات، فان القانون المغربي، كالفرنسي والجزائري لم يشترط مثل هذا الشرط، غير ان بعض رؤساء المحاكم الابتدائية المختصين بالبت في مقالات الامر بالاداء  يرون ـ بالرغم من ذلك ـ انه من الضروري تعزيز طلب الامر بما يفيد امتناع المدعى عليه عن الاداء  وإلا كان الطلب غير مقبول لغياب النزاع بين الطرفين، مجلة المحامي، العدد 22 من43، 45.

ان هذا القضاء اعتبر ـ ولو ضمنيا ـ ان الانذار المسبق اجراء ضروري اذ به يثبت امتناع المدين عن  الاداء وقيام النزاع بين الطرفين : الدائن والمدين.
لكننا نعتقد ان الانذار بصفة عامة لا تكون له هذه الصفة : صفة الشرط الذي لا بد من تحققه لقبول الدعوى الا اذا نص القانون على ذلك صراحة كما في بعض الظهائر الخاصة.
وفي قانون الالتزامات والعقود يظهر الانذار كإجراء اختياري، فقط يهدف إلى تقييد المدين باجل للوفاء بدينه اذ لم يحدد له اجل يجيز للدائن ـ في حالة عدم الوفاء ـ مطالبة مدينه اما بالوفاء عينا ان كان ممكنا أو بفسخ الالتزام مع التعويض في الحالتين ولا شيء يمنع الدائن من اقامة دعواه  هذه بدون انذار مسبق.

ثم ان قانون المسطرة المدنية لا يتضمن أي نص يوجب على المدعى قبل رفع دعواه، انذار مدينه  بالوفاء بالتزاماته بل ان الفصل الأول من هذا القانون وهو النص الاساسي في تحديد شروط قبول الدعوى ـ بصفة عامة ـ لا يوحي بوجود أي شرط من هذا القبيل وحتى المقتضيات الخاصة التي تحكم مسطرة الامر بالاداء لا تشترط مثل هذا الشرط.
وكما سبق ذكره فالمشرع قد اشترط لسلوك هذه المسطرة شروطا دقيقة قدر انه ليس من المحتمل مع توافرها قيام اي نزاع بشان الدين المطلوب في اطارها، ثم انه اوجب الحكم على المدين، - المستانف ـ بغرامة مدنية إذا ثبت ان استئنافه للامر بالاداء كان  بقصد المماطلة والتسويف ليس الا.

ومنه يظهر ان مسطرة الامر بالاداء باعتبار شروطها الشكلية والموضوعية تتنافى ـ مبدئيا ـ مع وجود النزاع في الدين المطلوب، وحتى وان كان وجود النزاع شرطا لممارسة الوظيفة القضائية " حيث لا توجد منازعة، فلا حاجة إلى القاضي... "  قول للفقيه هريو أورده الدكتور وجدي راغب في مؤلفه النظرية العامة للعمل القضائي ص،43 فان هذا الشرط لا مكان له في دعوى الامر بالاداء على اعتبار انها دعوى استثنائية يقوم الحق فيها كلما تحققت شروطها القانونية  وهي على ما ذكر شروط يستبعد معها احتمال وجود المنازعة في الدين المطلوب.

تبليغ  الامر بالاداء
يستخلص من مقتضيات الفصلين 160 و161 من ق م م ان الامر الموافق للطلب يبلغ إلى المدعى عليه، وتشتمل وثيقة تبليغه على نسخة من المقال وسند الدين  وانذار المدين بوجوب تسديد مبلغ الدين والصوائر المحددة في الامر مع اشعاره ـ ان كانت لدين وسائل دفاع يريد استعمالها ـ بتقديم استئنافه طبقا للقواعد المتعلقة بالاستئناف في ظرف ثمانية ايام.
ويبدو جليا ان شكل هذا التبليغ يختلف عن الشكل العادي لتبليغ الاحكام حيث يرفق تبليغها بنسخة من الحكم ـ فقط ـ مصادق على مطابقتها للاصل بصفة قانونية ـ الفصل 54 من ق م م.

ونعتقد ان تبليغ الامر بالاداء بهذا الشكل يؤكد ـ ان كان الامر في حاجة إلى تاكيد ـ على انفراد مسطرة الامر بالاداء باحكام خاصة، وبالرغم من وضوح الفصلين المذكورين 160 و161 من ق م م في تحديدهما لشكل ومشتملات ذلك التبليغ، فان الراي قد اختلف في طبيعته وفي الاثر الذي يمكن ان يترتب عن عدم احترامه، ففي قرار له اعتبر المجلس الاعلى، ان ليس من المنطق ان يبلغ الى الخصم سند الدين لما في ذلك من تعرضه للضياع، وليس في الفصل 161 المحتج به ما يقتضي ذلك، وانما يوجب ان تشتمل وثيقة التبليغ على ملخص المقال وعلى مجرد التعريف بسند الدين كمبيالة أو فاتورة قرار2431 بتاريخ 29/10/1986 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى، العدد41 نونبر1988 ص. 18 و19.

وفي قرار اخر لاحظت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ان الفصل 161 المذكور لم يترتب أي جزاء في حالة عدم ارفاق السند، قرار عدد 995 بتاريخ 14/4/1987 منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد55، ماي يونيو1988 ص112 الى121.

وفي قراره رقم 2738 المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 45 نونبر1991 ص 29 و30 لم يكتف المجلس الاعلى  بنقض القرار المطعون فيه لعدم جوابه على ما اثاره المستانف من انه لم يتوصل لا بنسخة من مقال الدعوى ولا بسند الدين، وانما تصدى للمسالة وقضى باعتبار  الامر بالاداء كان لم يكن ما دام ان مقتضيات الفصلين 159 و131 لم تحترم.

من الاكيد ان الاشكال التي اختارها المشرع لعمل معين سواء كان استدعاء أو تبليغا أو تنبيها أو غيره يجب ان تحترم من طرف جميع المخاطبين ـ  طبعا ـ مع استحضار مقتضيات الفصل 49 من ق م م التي لا تسمح بقبول الدفع بعدم احترام الشكل القانوني الا إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعلا من ذلك.

لكن ـ الملاحظة ـ ان القرار2431 المشار إليه أعلاه اعتمد لتبرير عدم احترام الشكل القانوني لتبليغ امر بالاداء منطق الواقع، الخوف من ضياع السند، بالرغم من تعارض هذا المنطق مع نص الفصل 161 " تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من المقال وسند الدين... " الذي ما هو الا صياغة قانونية لمنطق قد  يكون  بدوره واقعيا.
وفي هذا الصدد نعتقد ان خصوصية تبليغ  الامر بالأداء بالشكل الذي اختاره المشرع تجد مبرراتها في جملة من الافكار نخص بالذكر منها :

1. من الثابت ان المشرع قد غيب المدعى عليه في مسطرة الامر بالاداء وحرمه من حق التواجهية والتقاضي على
    درجتين.
2. ثم ان المشرع الزم المدين المحكوم عليه بالاداء في حالة ما إذا اراد استعمال وسائل دفاعه بتقديم استئنافه طبقا للقواعد المقررة في القسم الثالث من ق م م.

وبالرجوع إلى هذه القواعد يتبين ان الفصل 142 من ق م م يوجب تضمين المقال الاستئنافي : موضوع الطلب والوقائع والوسائل المثارة وارفاقه بالمستندات التي يريد الطاعن استعمالها زيادة على البيانات المتعلقة خاصة بالمستانف عليه.
ولم يفت الاجتهاد القضائي ان يؤكد بان الشروط الواجب توافرها في المقال الاستئنافي هي واحدة بالنسبة للامر بالاداء وبالنسبة لغيره طبقا للفصل 142 المذكور، قرار المجلس الاعلى عدد621 بتاريخ 6/3/1991، مجلة قضاء المجلس الاعلى، العدد 56 نونبر1991، ص 32. 33 ، 34، 35.

3. بل الاكثر من ذلك فان عدم جدية استئناف الامر بالاداء  بان كان القصد منه مجرد المماطلة والتسويف قد يؤدى الحكم على المستانف بغرامة مدنية لا تقل عن عشرة في المائة في مبلغ الدين حسب المنصوص عليه في الفصل 164 من ق م م.

4. ثم ان الامر بالاداء لا يعلل وهو في نفس الوقت قابل للاستئناف ضمن الشروط المشار إليها أعلاه وتحت رعب الغرامة المدنية  فكيف يمكن المستانف مثل هذا الامر ان يحترم كل تلك الشروط وان يتفادى الحكم عليه بالغرامة والحل ان الامر قد صدر في غيبته، وليس بين يديه ما يساعده على تحديد موقفه منه سوى ذلك الامر غير المعلل.
لذلك نرى ان المشرع تقديرا منه لصعوبة هذه الحالة قد ابتدع شكلا خاصا لتبليغ الامر بالاداء  تشتمل وثيقته ـ اضافة إلى الامر نفسه ـ على نسخة من مقال الدعوى وسند الدين.

ولعل في هذا الشكل الخاص ما ينفس على المحكوم عليه بالاداء الذي حرمه المشرع نفسه من  حقه الحضور والتقاضي على درجتين"، اذ من شانه ان يساعده على :
أ ـ اختيار احد الموقفين : اما اداء المبلغ المحكوم به داخل اجل ثمانية ايام، واما استئناف الامر المبلغ أي إذا كانت لديه وسائل دفاع يريد استعمالها سواء فيما يخص الاختصاص أو الموضوع.
ب ـ كما سيساعده لا محالة على تقديم استئنافه ـ ان اختار ذلك ـ والوقائع والوسائل المثارة وكذا البيانات المتعلقة بطالب الامر.

ج ـ ثم ان الامر بالاداء في حد ذاته لا يعلل كما سبق ذكره، وبذلك فان الاقتصاد على تبليغه وحده دون بقية الوثائق الاخرى  ـ المقال وسند الدين ـ  لا يمكن المحكوم عليه من تحديد وسائل دفاعه في المرحلة الاستئنافية تحديدا جادا ومسؤولا ـ نذكر بالغرامة المدنية.
واذا كان الفقه قد اعتبر مقال الدعوى وسند الدين بمثابة تعليل للامر بالاداء، فان تبليغ هاتين الوثيقتين يصبح لازما، وإلا كان الامر نفسه باطلا باعتباره عملا قضائيا ملزما لاطرافه ـ حكم ـ لا بد من تعليله ولو عن طريق ارفاقه بالوثيقتين المذكورتين.

ومن هنا نرى ان المجلس الأعلى كان على حق عندما اعتبر الامر بالاداء لم يكن قائما على أساس ... وكان لم يكن ما دام ان مقتضيات الفصلين 159 و161 من ق م م لم تحترم القرار 2738، مجلة المجلس الاعلى، العدد 45،
 ص29-30-31.
ذلك ان تبليغ الامر بالاداء بالصورة الواردة في الفصل 161 من ق م م علاوة على انه يشكل حماية للمحكوم عليه، فان مشتملاته تعتبر جزءا اساسيا من الامر نفسه يؤدي عدم ارفاقها به إلى بطلانه.

بعض المراجع
ـ " مسطرة الامر بالاداء في القانون المغربي"، من اعداد الأستاذ ابراهيم زعيم، مقال منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 138، ص73، 98.
ـ اوامر الاداء، للدكتورة امينة النمر،  طبعة 2، السنة 1975.
ـ النظرية العامة للعمل القضائي، للدكتور وجدي راغب فهمي، طبعة 1974.
ـ الوسيط في قانون القضاء المدني للدكتور فتحي والي، طبعة2، سنة1981.
ـ المرافعات المدنية والتجارية للدكتور احمد ابو الوفاء.
ـ تعليق رئاسة تحرير مجلة المحامي على الامر الصادر بعدم قبول دعوى الامر بالاداء لعدم تعزيزها بما يفيد ان المدعى عليه قد امتنع عن الاداء، منشور بمجلة المحامي، العدد 22، ص.43-45.

مجلة الإشعاع، عدد13، ص67.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا