Thursday, October 18, 2012

دراسة: الإبقاء على التقييد الاحتياطي وإشكالية الرئيس المختص

تعليق على أمر رئيس تجارية أكادير عدد 1255 بتاريخ 15ماي 2012
تقدمت شركة تجارية بمقال إلى المحكمة التجارية لأكادير لبطلان إجراءات البيع العقاري لعقار تملكه، بسبب خروقات شابت المسطرة. وبناء على هذا المقال الافتتاحي للدعوى، تقدمت إلى المحافظ على الأملاك العقارية لإجراء تقييد احتياطي بناء على مقال الدعوى.

تقدمت المستفيدة من التقييد الاحتياطي، داخل الأجل القانوني، بطلب إلى رئيس المحكمة التجارية لاستصدار الأمر للإبقاء على آثار التقييد الاحتياطي طبقا للفصل 86 من ظهير التحفيظ العقاري.
إلا أن رئيس المحكمة التجارية بالنيابة قضى بعدم الاختصاص للعلة التالية:
«إن الاختصاص للبت في الطلب الحالي منعقد لرئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها تطبيقا لمقتضيات الفصلين 85 و 86 من القانون العقاري الجديد.»
التعليق:
جاء القانون العقاري بمقتضى جديد  يتمثل في ضرورة استصدار أمر من  رئيس المحكمة للإبقاء على آثار التقييد الاحتياطي بناء على مقال الدعوى إلى حين صدور حكم نهائي.
ويترتب عن عدم إدلاء طالب التقييد المؤقت بهذا الأمر إلى السيد المحافظ على الأملاك العقارية داخل أجل شهر من تاريخ تقييده، قيام المحافظ بالتشطيب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا، وبدون طلب من ممن له المصلحة.
ومن الناحية المبدئية، فإن جميع المنازعات العقارية تبقى من اختصاص المحكمة الابتدائية العادية وفي إطار التشكيلية الجماعية، بدء من محكمة التحفيظ، وإلى مختلف المنازعات التي تتعلق بالتقييدات الواردة على العقارية المحفظ والنزاعات المتفرعة عنها، كالقسمة والشفعة وغيرهما.
ومن هذا المنطلق، ذهب واضعو التشريع إلى اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية على اعتبار أن محكمته صاحبة الاختصاص الأصيل للنظر في المادة العقارية.
لكن منطلق واضعو التشريع معيب، على أساس أن المحكمة التجارية قد تنظر في المنازعات العقارية بصفة مباشرة وفي أحوال عدة:
في النزاع بين شركتين تجاريتين أو تاجرين بصدد أعمالهم التجارية ومنها التصرفات الواردة على العقار.
حالة اختيار الطرف المدني مقاضاة الطرف التجاري أمام المحكمة التجارية على أساس أنها محكمة هذا الأخير.
النزاعات الهادفة إلى بطلان التصرفات بعوض أو بدون عوض أو لأنها وقت في فترة إعسار المدين الأصلي أو بعد أن أحاط الدين بماله.
النزاعات العقارية الهادفة إلى البطلان الجوازي أو الوجوبي للتصرفات العقارية التي أنجزت في فترة الريبة.
حالات بطلان التصرفات العقارية الهادفة إلى التشطيب أو تغيير أو تأسيس حق عيني عقاري لعقار محفظ والمنجزة بعد الحكم بفتح التسوية أو التصفية القضائية.
ويبدو مما سبق، أن المحكمة التجارية في أحوال عديدة، تقاسم الاختصاص المحكمة الابتدائية بالنظر في الخصومات العقارية، وكما في نازلة الحال إذا باشرت المحكمة التجارية لإجراءات الحجز العقاري والبيع بالمزاد العلني في إطار مسطرة تحقق الرهن أو ما يعبر عنه بمسطرة الإنذار العقاري، أو في قواعد التنفيذ الجبري للأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به.
الأشكال المطروحة: في حالة تقديم دعوى عينية عقارية إلى المحكمة التجارية إعمالا للحالات السابقة طرحها، وعلى أساسها تم تقديم طلب التقييد الاحتياطي لحفظ الرتبة، من الرئيس المختص لاستصدار الأمر القضائي بالإبقاء على التقييد إلى حين انتهاء النزاع؟
ومرد هذا الإشكال يتمثل أساسا في ما نص عليه الفصل 85 من قانون التحفيظ الجديد حيث جاء فيه « بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها...»
ذهب الأمر الولائي موضوع التعليق الصادر عن تجارية أكادير بعدم اختصاص  رئيسها للأمر لا تمديد أمد التقييد الاحتياطي ولا الأمر بالإبقاء على التقييد الاحتياطي في حالة انجازه على مقال الدعوى.
ومن القواعد العامة، أن اختصاص رئيس المحكمة التجارية ولائيا واستعجاليا رهين باختصاص محكمته موضوعا.
ولقد أنقلت المادة 20 من قانون إحداث المحاكم التجارية جميع الاختصاصات الممنوحة لرئيس المحكمة الابتدائية العادية هدفا من وحدة الاختصاص.
ولا نعتقد أن الفصل 85 من القانون العقاري يهدف منح الاختصاص لرئيس المحكمة الابتدائية حصرا وبهذه الصفة، ولو كان مقال الدعوى بشأن العقار مرفوعا موضوعا إلى المحكمة التجارية.
وإلى ماذا سيؤدي هذا الموقف:
أن يرجع إلى رئيس المحكمة الابتدائية من أجل إصدار الأمر بالإبقاء على التقييد الاحتياطي في نازلة لا يروح الملف أمام محكمته.
أن جانبا من القضاء، يرفض طلب الإبقاء على التقييد الاحتياطي على اعتبار أن النزاع في الموضوع أمام محكمته في الموضوع، مما نوجد معه أمام حالة تنازع الاختصاص السلبي.
وإذ تعذر تنفيذ الحكم الذي صدر لفائدة المدعي الذي شطب على تقييده الاحتياطي بسبب إما التضارب بين مختلف المحاكم في مسألة الاختصاص في الإبقاء على التقييد أو رفضه، فإن من شأن ذلك أن يفتح باب المطالبة بالتعويض بسبب الخطأ المرفقي لمرفق القضاء.
وإذا بادرنا إلى القول باختصاص رئيس المحكمة الابتدائية حصرا للأمر بالإبقاء على التقييد الاحتياطي المقيد بناء على المقال الافتتاحي للدعوى لدى المحكمة التجارية فما هو موقف المحافظ؟ وهل له أن يرفض هذا الأمر لما يقع عليه من مسؤولية شخصية عن التقييدات ومراقبتها ؟
وإذا سلمنا بهذا الطرح، فإن القاضي المختص للبت بالتشطيب على التقييد الاحتياطي سيرفع هو الآخر أمام رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للأوامر المستعجلة مقدار الأسباب وجديتها والواردة في قضية معروضة أمام القضاء التجاري.؟
ونحن لا نميل إلى الاتجاه الذي سار فيه الأمر موضوع التعليق، إذ يجب النظر إلى هذه المسطرة في الإطار العام لقواعد الاختصاص و توزيعها بين مختلف المحاكم، وإن كان ذلك ينم عن عدم ضبط تشريعي وعدم مواكبة هذا المقتضى التشريعي للنصوص التشريعية المحددة لقواعد الإختصاص.
وتتمثل خطورة هذا التضارب، أن المحافظ على الأملاك العقارية، سيعمد بقوة القانون إلى التشطيب على التقييد الاحتياطي إذا لم يبلغ بالأمر بالإبقاء عليه، مما يفقد صاحب التقييد المؤقت الرتبة التي يهدف من خلالها.
وتدق المسألة لو وجد هناك تقييد احتياطي تال  للأول في الرتبة أو عقد تفويت بعوض أو بدون عوض، أو مجرد تكليف عقاري بالرهن مثلا.
إذ من شأن التشطيب  التلقائي للتقييد الاحتياطي لعدم تبليغ الأمر بالإبقاء عليه تلقائيا من طرف المحافظ،  أن يؤدي إلى  فقدان الرتبة وضياع الحق العيني حتى مع وجود حكم قضائي لاحق في الموضوع.
و قد يبادر طالب التقييد الاحتياطي الذي قضى بعدم اختصاصه إلى الطعن في الأمر القضائي القاضي بعدم الاختصاص أمام محكمة الاستئناف، ويبقى لهذا القرار محل إذا ألغي الأمر القضائي ولم يجر أي  تقييد بين تاريخ التشطيب التلقائي من جهة و تاريخ تبليغ القرار الاستئنافي.
والحالة هاته، يتعين على طالب التقييد أن يتقدم بطلب جديد للتقييد الاحتياطي، ويؤدي عليه الرسم القار، ويعفى في نظرنا في الرجوع إلى رئيس المحكمة من أجل الإذن بالإبقاء على التقييد الاحتياطي، لأن مثل هذه الحالة لم يتناولها التشريع، ومن شأنها الغاية المقررة في النص. وإن وقع التقييد النهائي بين تاريخ التشطيب على التقييد الاحتياطي وبت محكمة الاستئناف، فقد الحق في الرتبة وامتنع إجراء التقييد الاحتياطي من جديد لتغيير المالك.

بقلم: الدكتور عمر أزو كار, محام بهيأة الدار البيضاء

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا