Monday, October 29, 2012

دراسة :العولمة المالية وأثارها على اقتصاديات الدول النامية.


الأستاذ رميدي عبد الوهاب. أستاذ مكلف بالدروس بمعهد علوم التسيير والاقتصاد، المركز الجامعي بالمدية.
الأستاذ: سماي علي. أستاذ مكلف بالدروس بمعهد علوم التسيير والاقتصاد، المركز الجامعي بالمدية.                  
العنوان البريدي: سماي علي، حي 483مسكن عمارة 212 رقم 02 البر واقية المدية 26200.
الهاتف: 95 73 33 072، 96 73 33 072،  15 09 67 054.
الفاكس:025580064.  
البريد الالكتروني:      karimmoussa2005@yahoo.fr
                                         Smaiali2006@yahoo.fr      
 عنوان المداخلة: العولمة المالية وأثارها على اقتصاديات الدول النامية.
المحور:5-العولمة المالية.الكلمات المفتاحية:العولمة المالية، حركات رؤوس الأموال، المدخرات المالية، اقتصاديات الدول النامية.

1- المقـدمـة
تسببت المتغيرات الاقتصادية الدولية والتطورات العلمية والتكنولوجية التي مر بها العالم في العقدين الأخيرين من القرن العشرين في انقلاب موازين القوى بين الدول، وأحدثت تغيرات في المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتغيرات سريعة في أساليب الإنتاج والعمل دون تمكين أي مجتمع من التعايش في عزلة عن الكيان العالمي أو بما يسمى بالعولمة ومظاهرها المختلفة. كما انه لم يقتصر التغير في العلاقات الاقتصادية على التغير في الاقتصاد العيني، بل أن التغير شمل أيضا العلاقات المالية وأدوارها.
 لذلك ابرز ما يمكن التكلم عليه في ظل العولمة هو الانفتاح المالي أو بما يسمى بالعولمة المالية، خاصة بعد تصاعد حجم التدفقات المالية في العالم النامي والمتقدم بمعدلات كبيرة، هذا مما قد يخلق فرصا جديدة للمنفعة الاقتصادية على الدول النامية، إلا انه في المقابل قد يحدث مخاطر وتحديات وأثار سلبية على أوضاع اقتصاديات الدول النامية
هذا ما سنحاول التطرق إليه في موضوع بحثنا هذا للتعرف على ما هي العولمة وبالأخص العولمة المالية، وما هي أثار هذه الأخيرة على اقتصاديات الدول النامية.

2- العولمة الاقتصادية

لقد كثر الحديث عن العولمة في السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين، وأصبحت حديث الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين خاصة في الأوساط الجامعية والإعلامية والتيارات الفكرية. فعلى الصعيد الاقتصادي شهد العالم في تلك الفترة تحولات وتغيرات سريعة فتطورت التجارة الدولية وزاد الاستثمار الأجنبي المباشر، وبرزت التكتلات الاقتصادية الإقليمية وتعددت أشكال العلاقات العابرة للحدود الجغرافية بين مختلف دول المعمورة، والأكثر من ذلك التطور المذهل في المجال التكنولوجي والمعلوماتي من خلال تطور الاتصالات وظهور شبكة الإنترنت.

2-1: مفهوم العولمة

للعولمة عدد كثير من المفاهيم واختلفت هذه الأخيرة باختلاف الأطراف الأكاديمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها التي تناولت هذه الظاهرة، وكل حسب مرجعيته وفهمه لها. لذلك توجد صعوبة كبيرة للإجماع حول إيجاد مفهوم دقيق لهذه الظاهرة يتمتع بالقبول جماهيري شائع، باعتبارها حديثة البروز ومتغيرة بتغير الظروف التي تحدث في هذا العصر.
فالعولمة مشتقة من » عالم «   وهو ترجمة لكلمة « Globalisation »  الإنجليزية المشتقة   من كلمة « Glob »  بمعنى الكرة، والتي يقصد بها الكرة الأرضية. ويشتق من فعل كوكب الذي يعني جمع أحجار ووضع بعضها على البعض الآخر في شكل محدد، وبذلك ووفقا لهذا الرأي يصبح الاصطلاح الأكثر قبولا في وصف الظاهرة هو الكوكبة . ورأى أحد الباحثين أن العولمة تشير إلى جوهرها وحقيقة أمرها إلى أمركة العالم)  العولمة = الأمركة ( ، أي محاولة الولايات المتحدة الأمريكية إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها.
أما »  جان ماري جيهينيو «  ، والذي يترأس مجلس إدارة معهد الدراسات العليا للدفاع الوطني الفرنسي، قال أن العولمة انتصار طويل الأمد لأمريكا ، ويؤكد في دراسته »  أمركة العالم أم عولمة أمريكا « ، أن العولمة هي أمركة العالم أي نشر الحلم الأمريكي على نطاق العالم .
أطلق آخرون على العولمة مصطلح الكوكبة الذي ينصرف إلى البعد الجغرافي للظاهرة، فهي ليست فكرا إيديولوجيا، أو مذهبا سياسيا جديدا، بقدر ما هي ظاهرة كبيرة نشأت عبر عقود طويلة في ظل النظام الرأسمالي، ولها أوجه وأنماط متعددة جعلها الآن تتوسع باستمرار وتتبع مناهج وأساليب جديدة مدعومة بسرعة تطور الثورتين التقنية والمعلوماتية لإنتاج نظام جديد مهيمن في قيمه وأساليبه على كل القيم والمناهج والأساليب السائدة والتي يعتبرها عرقلة لمسيرته .
وأن اصطلاح العولمة يمكن أن يجمع بين وصف الظاهرة وتحديد بعض من مبادئها فهو يعبر عن اتساع وعمق التدفقات الدولية في مجال التجارة والمال والمعلومات في سوق عالمية متكاملة، وكذلك تحرير الأسواق الوطنية والعالمية انطلاقا من الاعتقاد القائل بأن التدفقات الحرة للتجارة والمال والمعلومات سيكون ذا مردود إيجابي ما دامت العولمة مسألة حتمية ، وتأخذ جوانب عديدة نذكر منها :
1-حرية حركة السلع والخدمات والأفكار وتبادلها الفوري دون حواجز أو حدود بين الدول.
2- تحول العالم غلى قرية كونية بفعل تيار المعلوماتية، أي يصبح كل سكانه في حالة معرفة      وإحاطة فورية بما يحدث لدى الآخرين.
3- ظهور آليات جديدة مستقلة عن الدولة آليات تقوم بوظائف كانت في يوم ما قاصرة على الدول وأصبحت اليوم بحكم العولمة بعيدة عنها.
4- ظهور نفوذ الشركات المتعددة الجنسية كقوة عالمية فائقة النفوذ والقوة تسعى من أجل الهيمنة  وليس لها ولاء أو انتماء لدولة بعينها.

بناء على ما تقدم من تعاريف متعددة ومختلفة للعولمة واختيار الاصطلاح الأنسب لها) الكوكبة، الأمركة، العالمية… ( يتضح أنها غير مكتملة الملامح فهي عملية مستمرة ومتناسبة ذات طابع حركي ديناميكي وتكشف كل يوم عن وجه جديد من وجوهها المتعددة. لذلك فإن العولمة تعني عالما بلا حدود. فإن هذا العالم غير موجود حاليا، والعولمة كاملة لم تتحقق بعد ولا يتوقع عولمة العالم عولمة كاملة خلال المستقبل المنظور. فالعولمة الكاملة للعالم لم تتضمن مجتمع عالمي واحد وبثقافة عالمية واحدة التي تبدو أنها قد بدأت بيد أنها لم تصل إلى نهايتها حتى الآن ، وإذا كانت العولمة بسيطة في الشكل إلا أنها معقدة في المضمون ولها العديد من الجوانب الارتكازية ذات الطابع المميز الذي يجعلها كظاهرة مميزة لها آثار في جوانب كثيرة ) الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي… (. إذا فالعولمة عولمات:عولمة الاتصالات والمعلومات، عولمة الثقافات والأديان والأفكار وعولمة التفاعلات الإيكولوجية وعولمة الإستراتيجية المهيمنة وعولمة المبادلات الاقتصادية والتجارية والمالية . لهذا يمكن فهم العولمة بأنها مفهوما مركبا أي أنها تشتمل على أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية… (، وهي العملية التي يتم بمقتضاها إلغاء الحواجز والقيود بين الدول والشعوب وجعلها مجتمع عالمي واحد، وبالتالي تغير الأنماط والنظم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في إطار تدويل النظام الرأسمالي.

2-2: التحليل الاقتصادي لظاهرة العولمة

لقد حظي موضوع العولمة الاقتصادية في نهاية القرن العشرين بجانب هام  من اهتمامات المفكرين الاقتصاديين والسياسيين في جميع أنحاء العالم، والشيء الذي لابد الوقوف عنده هو     أن العولمة هي مفهوم اقتصادي قبل أن تكون مفهوما ثقافيا أو اجتماعيا أو سياسيا. كما  أن أكثر ما يتبادر إلى الذهن عن الحديث عن العولمة هي العولمة الاقتصادية .
     فالتطورات الاقتصادية السريعة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة أدت إلى نظام اقتصادي جديد، وبروز منظومة من العلاقات والمصالح الاقتصادية المتشابكة التي ساهمت في بروز العولمة، لهذا يعتبر المجال الاقتصادي من أهم مجالات العولمة وأكثرها وضوحا وأبرزها أثرا  وهدفا، والتركيز في هذا المجال للعولمة، فإنه يجب التنويه في بداية الأمر إلى اتجاه العولمة     إلى تحويل الكرة الأرضية إلى منطقة اقتصادية تختفي فيها الحواجز والقيود ، بمعنى اندماج الاقتصاديات العالمية ضمن نطاق النظام الاقتصادي الواحد.

ومسيرة عولمة الاقتصاد العالمي ليست جديدة، فقد بدأت منذ عقد الخمسينات والستينات من القرن الماضي عندما تضافرت الجهود لتقليص القيود السياسية المفروضة على التجارة الدولية في أعقاب الحرب العالمية الثانية . فبعدها حدث نمو كبير في اقتصاديات أوربا الغربية والولايات المتحدة. ثم تسارعت العولمة في الاقتصاد العالمي منذ منتصف الثمانينات بدرجة كبيرة، وتزايدت التدفقات الرأسمالية إلى الكثير من الدول النامية، كما ازدادت التجارة العالمية بسرعة تقارب ضعف سرعة زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي .
كما أن العولمة في جانبها الاقتصادي اتخذت شكل تيار متصاعد من أجل فتح الأسواق وانفتاح كل دول العالم على بعضها البعض، وقد تناما هذا التيار مع تزامن حركة نهضوية من أجل تحديث وتطوير بنية الإنتاج في اقتصاديات السوق المتقدم ، فهي تستند إلى النظام الرأسمالي وتروج الليبرالية الاقتصادية باعتبارها مفتاح لكل خيارات اقتصاد السوق .
ويعتبرها البعض أن العولمة ظاهرة جديدة وليدة التطورات الاقتصادية والتقنية السريعة   التي ظهرت خلال عقد التسعينات، ثم تعمق أثرها من خلال التطورات الكبيرة التي حصلت  في عالم الاتصالات، واليوم نرى بأن العولمة تدعم نفسها بمنظومة جديدة من التشريعات الاقتصادية التي تقر فتح الحدود وتحرير التجارة العالمية، حيث هذه الأخيرة يمكن اعتبارها المحور الاقتصادي للعولمة الاقتصادية، وهو ما يعني ببساطة فتح الأسواق الدولية أمام الانتقال الحر للسلع والخدمات، لذلك أثرت العوامل الاقتصادية في دفع مسيرة العولمة ومن أهم هذه العوامل :
1- الإسراع الكبير في التجارة الدولية قياسا بالناتج المحلي وتنوع قنواته.
2- تعاظم الاندماج بين الأسواق المالية العالمية.
3-  ازدياد تدفق الأموال والاستثمارات المباشرة الخاصة.
4- التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
5- ازدياد تدفق القوى العاملة بين الدول.

2-2-1: تعريف العولمة الاقتصادية
تشكل ظاهرة العولمة الاقتصادية من أهم التحولات والتطورات الاقتصادية على الصعيد العالمي في نهاية القرن العشرين، فنجد أحدهما تناول العولمة الاقتصادية بوصفها مرحلة من مراحل تطور المنظومة الرأسمالية، تتميز بالانتقال التدريجي من الاقتصاد الدولي الذي تتكون خلاياه القاعدية من اقتصاديات متمحورة على الذات ومتنافسة إلى الاقتصاد العالمي القائم على أنظمة جمركية كونية .
وهناك من يرى بأن العولمة الاقتصادية تتمثل في جعل الاقتصاد العالمي مترابطا ومتشابكا وذلك من خلال اندماج الأسواق العالمية في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة  وانتقال الأموال والقوى العاملة والتكنولوجيا ضمن إطار رأسمالية حرية الأسواق، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية والى الانحصار الكبير في سيادة الدولة .
والعولمة في غالباتها الاقتصادية تعني بروز تقسيم عمل جديد للاقتصاد العالمي الذي لم يخضع للرقابة التقليدية ولم يعد يؤمن بتدخل الدولة في نشاطاته وخاصة فيما يتعلق بانتقال السلع والخدمات ورأس المال على الصعيد العالمي .
كما يعرفها البعض بأنها مجموعة ظواهر اقتصادية مترابطة تتضمن تحرير الأسواق وخصخصة الأصول وانسحاب الدولة من أداء بعض وظائفها ونشر التكنولوجيا وتوزيع الإنتاج عبر القارات، والتكامل بين الأسواق الرأسمالية .
انطلاقا مما سبق، يمكن تعريف العولمة الاقتصادية بأنها،"كل المستجدات والتطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم الاقتصادي، والمتمثلة في تزايد حجم ونطاق التجارة العالمية والاتجاه نحو تحريرها بالكامل وكذلك بروز الشركات العابرة للحدود الوطنية التي تنظر إلى العالم كله كوحدة واحدة وتعمل من منطلق أن حدودها هي حدود العالم، وزيادة الانتشار المستمر للتكتلات الاقتصادية الإقليمية، وكذلك التطورات المرتبطة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال وبالتالي ظهور ما يسمى باقتصاد المعرفة".
لذا يمكن حصر أهم العناصر المميزة للعولمة من الناحية الاقتصادية كما يلي:
- 1 تحرير التجارة الدولية تحت لواء المنظمة العالمية للتجارة.
- 2 التحالفات الإستراتيجية للشركات العالمية وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
- 3التزايد المستمر لانتشار التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
4- التطور المذهل والسريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

3- العولمة المالية
3-1- مفهوم العولمة المالية:
تعرف العولمة المالية بمصطلح الاستثمار المالي، و هي ظاهرة مرتبطة بالنمو و التطور الرأسمالي و التراكم المضطرد في رأس المال،  و تعني أيضا زيادة حركية أو حرية انتقال رؤوس الأموال و بدون قيود بين الدول أو على الصعيد العالمي، فأصبحت مؤشرا مهما لعولمة الاقتصاد العالمي.
ترتكز العولمة المالية على عملية التحويل المالي، لبنود حساب رأس المال"أحد المكونات الرئيسية لميزان المدفوعات "، و تعتمد هذه العملية بدورها على إلغاء الخطر على المعاملات في حساب راس المال و السياسات المالية لميزان المدفوعات، و تتكون هذه المعاملات من مختلف أشكال رأس المال مثل الديون، و أسهم المحافظ المالية، و الاستثمار المباشر و العقاري و الثروات الشخصية.

و تتمثل العولمة المالية في مجموعة من المعاملات هي:
المعاملات المتعلقة بالاستثمار في الأسواق العالمية كالأسهم و السندات.
المعاملات المتعلقة بالائتمان التجاري و المالي و الضمانات...
المعاملات المتعلقة بالبنوك كالودائع و الاقتراض و الودائع الأجنبية.
المعاملات المتعلقة بحركات رؤوس الأموال الشخصية كالقروض و المنح.
المعاملات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي و تحويلات الأرباح.

3-2- تطور العولمة المالية:

      العولمة المالية ليست بالظاهرة الجديدة، و انطلقت خفية في السبعينات مع تقويم أسعار المعاملات فاكتشف عالم المال عندها أن لا رقابة للدول على الحسابات المصرفية في الخارج المودعة لعملتها، خاصة بعدما أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق "نكسون" عام 1971 عند التزام الولايات المتحدة الأمريكية بقبول تحويل الدولار إلى ذهب، انهار نظام و اتفاقية "بريتون وودز" و هكذا فقد كان تحرير النقد من سيطرة الدولة قد بدأ مع إلغاء أسعار الصرف الثابتة لعملات الدول الصناعية الكبرى سنة 1973.
     من هنا انتهجت حكومات وبرلمانات الدول الصناعية سياسة دءوبة وقوانين عديدة من أجل الوصول إلى الحرية الكاملة لأسواق النقد و المال التي يقف حيالها. الآن علماء السياسة و الاقتصاد.  تم تفجرت العولمة و التحرر من القيود بفضل الثورة التقنية للاتصالات، فأصبحت رؤوس الأموال وسيلة للمضاربة من أجل مضاعفة الأرباح في أوقات قياسية حتى ولو على حساب مصير الأمم      و حياة الشعوب، أي أصبحت الأسهم تتداول في معظم الأسواق العالمية بدون قيود، فأسهم الشركات الأمريكية و الأوربية واليابانية تتداول في بورصات نيويورك أو لندن أو طوكيو أو سنغافورة        و بالتالي أصبح المدخر يواجه إمكانيات عالمية لتوظيف مدخراته، كما أن الاستشارات المحلية لم تعد محدودة بما يتوافر في السوق المحلي من مدخرات  ،ومما يساعد على هذا التوظيف للمدخرات المالية هو الثورة التكنولوجية وثورة المعلومات والاتصالات، فأصبحت الأصول المالية تنتقل من مكان إلى مكان لآخر ومن عملة إلى عملة أخرى في لحظات دون أي قيود تعوقها، الأمر الذي جعل من الأسواق المالية أكثر ترابطا و أقدر على إيجاد الفرص الاستثمارية المتنوعة و الجذابة أمام الراغبين في الاستثمار في أرجاء المعمورة، يضاف إلى ذلك أن العولمة التي شهدتها هذه الأسواق فتحت الباب على مصراعيه أمام البنوك التجارية الشاملة والمتخصصة العالمية لتعد الفرص المناسبة لتوظيف أموالها التي تراكمت خلال المدة "1974-1990" نتيجة لتراكم الفوائض "البترو دولاريه" والتطور الذي شهدته أسواق العملات الأوربية.
    كما أن حجم الاقتراض الدولي قد زاد من 12 مليار دولار عام 1972 إلى 120 مليار دولار عام 1980، و قد سجل رقما قياسيا عام 1997، إذ أعدت للمقترضين غير المقيمين 1.2 تريليون دولار في صور سندات متوسطة الأجل ، و يذكر أن العولمة المالية قد ازدادت كثيرا خلال العقد الماضي بسبب تحرير الأسواق المالية الوطنية والبورصات تحديدا، كما سببت عملات الخوصصة التي عمت الكرة الأرضية، كما زادت بفضل الاستثمارات الضخمة العابرة للحدود القومية، و التي تقوم بها صناديق الاستثمار بمختلف أنواعها .
كما ساهمت سياسات تخفيض وإزالة القيود بين الأسواق المالية في ظهور المناخ الملائم الذي في ظله نمت وازدهرت ظاهرة العولمة المالية ، ويوضح الجدول أدناه تدفقات رؤوس الأموال الخاص إلى الدول النامية مقارنة بالتمويل الرسمي للتنمية الذي اخذ بالتضاؤل

الجدول رقم (1): إجمالي صافي تدفقات الموارد إلى بلدان العالم الثالث (1990-1996)  مليار دولار
1996 1995 1994 1993 1992 1991 1990
243,8 183,2 161,3 157,1 90,6 56,9 44,4 تدفقات راس المال الخاص
109,5 95,5 83,7 67,2 43,6 33,5 24,5 الاستثمار الأجنبي المباشر
91,8 60,6 62,0 80,9 20,9 17,3 5,5 تدفقات الحوافظ المالية
34,2 26,5 11,0 -0,3 12,5 2,8 3,0 المصارف التجارية
8,3 1,7 4,6 9,2 13,5 3,3 11,3 غير ذلك
40,8 53,0 45,7 55,0 55,4 65,6 56,5 التمويل الرسمي للتنمية
    المصدر:حسين اللطيف كاضم الزبيدي، العولمة ومستقبل الدور الاقتصادي للدولة في العالم الثالث، دار الكتاب الجامعي،
           الإمارات العربية المتحدة،2002،ص 153

      فمن خلال الجدول نلاحظ تطور تدفقات راس المال الخاص من 44,4 مليار دولار إلى 243,8 مليار دولار سنة 1996. كذلك بالنسبة إلى تدفقات الحوافظ المالية حيث تطورت أيضا من 5,5 الى91,8 مليار دولار لنفس الفترة، هذا ما يؤكد على صعود ما يسمى بالاقتصاد الرمزي وهو الاقتصاد غير المرتبط بالإنتاج والذي نما نموا مطلقا وازداد وزنه في الاقتصاد الرأس مالي، فاصبح يتوسع شيئا فشيئا وصارت المضاربة المالية نشاطا أساسيا لراس المال وطغى الاقتصاد المالي على الاقتصاد الحقيقي
     وتعد فترة التسعينيات من القرن العشرين وهي التي شهدت تكريس العولمة هي الفترة التي شهدت أيضا تراجع القيود على انتقال رؤوس الأموال مما أدى إلى زيادة تدفقات رؤوس الأموال إليها من 80 مليار دولار سنة 1989 إلى 344 مليار دولار سنة 1997 ثم انخفض إلى 280 مليار دولار سنة 1999 .
 لقد بلغ إجمالي تدفقات راس المال في العالم سنة 2002 ما قيمته 7,5 ترليون دولار وهو ما يمثل زيادة تبلغ أربع مرات ما كانت عليه في سنة  1990،  وخلال فترة التسعينات بدأ العالم يعرف مجموعة من الأزمات المالية  التي تجاوزت أوضاع الاقتصاد العيني الوطني، لكن ترتبط بتحركات رؤوس الأموال و انتقالها من مكان إلى أخر أو من منطقة إلى أخري لاسباب سياسية أو نفسية ، فكان أن عرف العالم أزمة أوربية سنة 1992 ثم أزمة المكسيك في سنة 1994 – 1995 ، وأخيرا الأزمة الآسيوية في سنة 1997. وهي جميعها تدور حول حركات الأموال التي أطلقت من عقالها، وهكذا آدت الثورة المالية في أدوات التمويل وأساليبه إلى تجاوز الحدود السياسية للدول و قيدت بالتالي من قدرة السياسة الاقتصادية الوطنية في مواجهة هذه الثروات المالية الهائمة
وكانت التكلفة التي تحملتها الدول المتأثرة بهذه الأزمات شديدة الوطأة بما أدت إليه من تعثر البنوك، وإفلاس الشركات وفقدان الوظائف وزيادة الأعباء على المالية العامة واستنزاف احتياطات النقد الأجنبي، وانكماش النشاط الاقتصادي ، بل وأيضا في حالات قليلة حدوث اضطرابات وقلاقل سياسية واجتماعية

3-3- مظاهر العولمة المالية:

هناك العديد من مظاهر العولمة المالية نذكر أهمها:
- تعاظم دور رأس المال: حيث أن صناعة الخدمات المالية بعناصرها المصرفية و غير المصرفية أصبح الاقتصاد العالمي تديره و تتحكم فيه أهم البورصات العالمية مثل: داو جونز، ناس داك، نيكاي، داكس و غيرها و التي بواسطتها تنقل رؤوس الأموال من مستثمر إلى آخر داخل الدولة أو بين الدول دون أي عوائق أو صعوبات.
- ازدياد فوائض رؤوس الأموال الباحثة عن استثمارات بمعدلات أرباح عالية و هي بطبيعة الأمر مدخرات غير مستثمرة في دولة المنشأ لراس المال الأمر الذي يدفعها للبحث عن استثمارات خارجية على المستوى الدولي أفضل مما لو بقيت في الداخل أو مستثمرة بمعدلات ربحية متدنية في الدول المصدرة لهذه الأموال.
- ظهور وسائل جديدة استقطبت أصحاب رؤوس الأموال، مثل المبادلات و الخيارات          و المستقبليات، إلى جانب الوسائل التقليدية في الأسواق المالية كالسندات و غيرها.
- التقدم التكنولوجي الهائل بحيث يسمح للمستثمر من المتابعة الدقيقة لأمواله و تحركاتها الاستثمارية لحظة بلحظة، حيث جميع الأسواق المالية مرتبطة بعضها ببعض، مما ييسر عملية الفعل و رد الفعل على أية عملية مالية مرغوب بها.



4-آثار العولمة المالية على اقتصاديات الدول النامية:

الانفتاح المالي أو العولمة المالية للدول يجيز لهذه الدول  التنافس في تخفيض الضرائب           و تخفيض الإنفاق الحكومي و التضحية بالعدالة الاجتماعية و ما ينجم عنها في المصلحة النهائية من إعادة توزيع الثروة من الفقراء محدودي الدخل إلى الأغنياء أصحاب رؤوس الأموال، و النتيجة المنطقية هذه هي الحالة التي سببها التخلي عن الرقابة الحدودية على تنقل رؤوس الأموال،   لهذا يمكن القول أن للعولمة مزايا و مخاطر على اقتصاديات الدول النامية يمكن حصرها فيما يلي:

4-1 المزايا:
    من بين المزايا نذكر:
     - تستطيع الدول النامية من خلال الانفتاح المالي الوصول إلى الأسواق المالية الأولية بهدف الحصول على ما تحتاجه من أموال لسد العجز في الموارد المحلية، أي قصور المدخرات عن تمويل الاستثمارات المحلية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمار المحلي وبالتالي معدل النمو الاقتصادي، كما يفسح المجال في تحقيق تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين.
     - تحرير و تحديث النظم المصرفية و المالية و خلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص و كذلك لحد من ظاهرة رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، كما تساهم الاستثمارات الأجنبية على تحويل التكنولوجيا إلى الدول المستثمر فيها.
-تحقيق تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين.
-تفسح حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة و استثمارات المحافظة المالية بالابتعاد عن القروض المصرفية التجارية و بالتالي الحد من زيادة حجم الديون الخارجية.

4-2- المخاطر:

  أما بالنسبة لمخاطر العولمة المالية على الدول النائية أو المشاكل الناتجة عن عولمة الأسواق المالية هي عديدة نذكر منها:
- مشكلة ظاهرة غسيل الأموال:
يتضمن غسيل تحويل أرباح الجريمة إلى تكتل يمكن استخدامه و إخفاء أصوله غير المشروعة، فبعد إدخال الأموال المحصلة من الجريمة إلى النظام المال يتم إخفاؤها (غسيلها) من خلال تشكيلة متنوعة من المعاملات و الأدوات المالية المختلفة و تستثمر في النهاية أصول مالية وما يتعلق بها و كثيرا ما تتضمن هذه العمليات طبقات فوق بعضها البعض، أي إخفاء مصدر هذه الأموال
فبعد موجة التحرير المالي المحلي و الدولي تعرضت العديد من الدول النامية إلى موجات من دخول الأموال غير مشروعة و حرية دخول و خروج الأموال عبر الحدود الوطنية و انفتاح السوق المحلي أمام المستثمرين الأجانب انفتحت أمام ذلك قنوات أخرى لغسيل الأموال
ومن بين الآثار السلبية لغسيل الأموال على الاقتصاد الكلي و متغيراته نذكر
- انتشار الفساد الإداري في النظام المصرفي.
- إضعاف هيبة الدولة و تشجيع التهرب من تنفيذ القوانين.
- انتشار و توسع الجريمة بكافة أشكالها الاقتصادية و الاجتماعية.
- فقدان الثقة في السوق المحلي
- تحويل اتجاه المستثمرين إلى نشاطات إجرامية بأرباح مرتفعة.
- التهرب الضريبي من دخول الأموال المغسولة و خسارة في الإيرادات العامة للدولة.
لذلك يجب تطبيق تشريع يوفر الإطار القانوني العام و يقرر التزامات التي تقدرها الخدمات المالية    و أن يحرم هذا التشريع غسيل الأموال لعقوبات متدرجة بشكل مناسب لهذا :
- يتعين على المؤسسات المالية أن تبذل جهودا معتبرة لتجنب التعامل مع العناصر الإجرامية، إذ يجب التحقيق من هوية العملاء و الوضع القانوني لهم خاصة العملاء الجدد.
- يجب أن تساند هذا التشريع تدابير لضمان أن لا يتوصل المجرمون للسيطرة على مؤسسات مالية.
- يتعين على المؤسسات المالية أن تنشئ أنظمة تتعرف على المعاملات غير العادية أو المثيرة للشك وتبلغ عنها، و يقتضي الأمر أن تدرك المؤسسات المالية ذاتها مدى خطورة الإبلاغ عن المعاملات غير العادية.
إضافة إلى هذا فقد قام صندوق النقد الدولي بتشكيل فريق خاص عام 1996 لوضع إجراءات مضادة لظاهرة غسيل الأموال و محاربتها، وأكد أن النظام المالي السليم شرط أساسي لاستقرار الاقتصاد الكلي و النمو الاقتصادي المستدام و بدأ صندوق النقد الدولي يدرج موضوعات جهود مكافحة غسيل الأموال في عمله شأن الأنظمة المالية، و في أفريل من عام 2001 وافق المجلس التنفيذي للصندوق على سلسلة من المبادرات في هذا المجال.

خداع الدول الفقيرة بتوفير رؤوس الأموال لها:

  إن الانفتاح على النظام المالي العالمي يعني بالنسبة إلى الدول المحتاجة لرؤوس الأموال الدخول في (خلق خداع) فهو يفتح أمام الحكومات المحتاجة في بادئ الأمر المنافذ لرؤوس الأموال المتاحة في العالم، الأمر الذي يعني أن الاستثمارات الحكومية لن تتوقف على حجم المدخرات الوطنية فقط، بل سيكون بالإمكان تمويلها بالقروض الأجنبية أيضا، و في الحقيقة هذا إغراء يصعب على أي حكومة طموحة الصمود في وجهه، فأصبحت الدول النامية و بفعل الضغوط التي تمارسها المؤسسات المالية عليها تطبق المنهج الذي يمكن وصفه، بتخفيض الضرائب على الثروة و الاستثمارات، خصخصة كل الخدمات و المؤسسات الاجتماعية و تخفيض الإنفاق الحكومي على الخدمات و الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى ذلك ومن النتائج الطبيعية للمغالاة في طلب القروض الأجنبية هي أن الطابع الاقتصادي يصبح متميزا بالنتيجة و الاعتماد على المصادر لخارجية للتمويل. لأن هذه القروض تكلف الدول النامية المقترضة فوائد إضافية على القروض قد تصل إلى المليارات عندما تكون الفائدة من    ( 11% الى 18%) سنويا.

- مخاطر هروب رؤوس الأموال الوطنية
إن ظاهرة هروب رؤوس الأموال في الدول النامية تعتبر ظاهرة قديمة و تتعدد أسبابها       و تتنوع أشكالها، بينما مخاطر العولمة المالية على الدول النامية فتكمن في تدويل مدخرات هذه الدول فأصبحت تفضل الاستثمار خارج الحدود الوطنية، و التناقض الملفت للانتباه، انه في الوقت الذي تشجع فيه هذه الدول الاستثمار الأجنبي و تقدم له كل عوامل الجذب من مزايا و إعفاءات و إزالة العقبات، مما سمحت الدول النامية لمدخراتها المحلية بالخروج للاستثمار في الخارج و هذا استنادا للعولمة المالية .
لهذا يمكن القول بان إجراءات التحرير المالي التي انتشرت في الدول النامية في العقد الأخير من القرن العشرين قد أعطى لعمليات هروب رؤوس الأموال مشروعية وحرية مما أدى بالضرورة لاستفحال هذه الظاهرة واستفحال أثارها على ميزان المدفوعات أو على قدرة الدولة على التراكم الرأسمالي و خدمة الدين الخارجي .
   وتأتي في مقدمة المناطق الخاصة لرؤوس الأموال الهاربة من دفع الضريبة (جزر الكيمين الكريبية) الخاضعة للتاج البريطاني ، حيث يوجد بها ما يزيد عن 500مصرف مسجل.
ولكن وضع حواجز أو عوائق لسد منافذ هروب رؤوس الأموال هو بالأمر السهل و لكنه يتنافى مع حرية انتقال رؤوس الأموال .
   كما أن الأموال التي تتوافد على دولة خلال سنوات يمكن أن تخرج خلال أيام أو ساعات مما يؤدي إلى أزمة مالية يصعب السيطرة عليها ، كذلك فانه نظرا إلى هذه الطبيعة الهائلة لحركات الأموال فان انتقالات العدوى تنتقل ليس فقط من مستثمر إلى أخر بل من بلد إلى أخر ، ومن قارة إلى أخرى      و هذا ما حدث في دول جنوب شرق أسيا حيث عمت العدوى معظم هذه الدول خلال فترة قصيرة
إضافة إلى هذه المخاطر قد تؤدي العولمة المالية إلى المخاطر قد تؤدي العولمة المالية إلى مخاطر التعرض لهجمات المضاربة والى إضعاف السيادة الوطنية في مجال السياسة المالية و النقدية.
 ومن أثار العولمة المالية المباشرة و غير المباشرة على النمو الاقتصادي الوطني. أثار تقرير يحث في اثر العولمة المالية على النمو الاقتصادي الوطني . ذكر التقرير في التأثير المباشر زيادة حجم التوفير وانخفاض الفوائد بسبب تنوع و توزع المخاطر و انتقال التكنولوجيا و تطوير أدوات مؤسسات وسيولة القطاع المالي بما فيها المصرفي. أما التأثير غير المباشر زيادة التخصص الاقتصادي في إنتاج السلع و الخدمات و إيجاد حوافز تنافسية طبيعية لتحسين السياسات الاقتصادية   و يجعلها أكثر اجتذابا للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار التقرير بين سنتي 1980 و 2000 اختلف النمو الاقتصادي كثيرا ضمن مجموعتي الدول المنفتحة ماليا والأخرى المنغلقة ماليا ، في المجموعة الأولى نجد كوريا الجنوبية ( مجموع النمو السنوي في المذكورين %  234 ) سنغافورة ( ( %155.5   تايلندا ( %151.1) و دولة إفريقيا الجنوبية ( انخفاض %13.7) .....، أما في الدول المنغلقة ماليا نسبيا نجد أيضا  ( مجموع نمو يقدر ب %145.8 ) و ( %135.4) و سيريلنكا (% 90.8) ، و هايتي( انخفاض ب  %35.5) .... وهناك دول متأرجحة بين المجموعتين ، أي لا يمكن وصفها بالمنفتحة أو المنغلقة والتي نمت بنسب مختلفة كالصين (نمو يقدر ب %391.6 ) و الهند (%103.2) و فنزويلا ( انخفاض %17.3)
ولتحقيق الاستقرار المالي تحتاج الدول إلى نظم مالية عميقة ومنسقة ومرنة، كما يجب عليها أن تعالج نواحي الضعف التي تؤدي إلى تعريض نظمها لمخاطر الصدمات، فقام صندوق النقد الدولي بتكثيف عمله من اجل تقوية القطاعات المالية و للمحافظة على الاستقرار المالي كجزء من جهد دولي  واتبع نهجا ذا ثلاث شعب :
- مساعدة الدول الأعضاء في القيام بعمليات تقييم شاملة لمدى تعرض القطاع المالي للمخاطر    والاحتياجات اللازمة لتطويره.
- تقوية عمليات الرصد والتحليل للقطاعات المالية ووضع مبادئ توجيهية.
- زيادة الشفافية والنزاهة ومساعدة الدول على بناء مؤسسات قوية .
إن نتائج العولمة المالية من خلال تجربة الدول الصناعية على الانفتاحين التجاري و المالي في تحفيز النمو وتثبيت الاستقرار الاقتصادي يمكن القول الايجابية تظهر على المدى الطويل وليس القصير حيث تكون المخاطر مرتفعة والتضحيات الاجتماعية كبيرة على المدى القصير ويخف تدريجيا مع الوقت كما تؤكد عليه الإحصائيات

5- الخاتمة
         أصبحت العولمة حتمية يفرضها الوضع الاقتصادي العالمي الراهن وهذا بمختلف أنواعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، وهذه الأخيرة ونتيجة التقدم التكنولوجي الذي مكن من تحريك الأموال من داخل الدول والى خارجها بسرعة اكبر لها منافع أساسية للدول النامية ، وذلك عن طريق توجيه الأموال إلى الاستثمار في هذه الدول مما قد ساعد على تحقيق مستويات نمو ومعيشة أعلى وخلق فرص جديدة للتمويل والتشغيل دون زيادة الديون الخارجية، إلا انه في المقابل أن الانعكاسات المفاجئة في اتجاه الأموال قد يهدد الاستقرار المالي الوطني لتلك الدول، وهذا ما حدث للدول النامية من أزمات وصدمات مالية مكلفة


لهذا يجب على الدول النامية:
- التعامل مع العولمة المالية بمرونة وذلك باتخاذ الإجراءات الأزمة و المناسبة حتى تستطيع
   تحقيق مصالحها وتعظيم مكاسبها
-  إنشاء أنظمة مالية قوية وعميقة وزيادة كفاءتها واتباع سياسات اقتصادية سليمة مع إدارة
    الأعمال والمخاطر المالية بشكل جيد
-  إدخال التقنيات الحديثة المساعدة في النشاطات المالية
-  وضع تشريعات وقوانين صارمة تحكم نشاط الأسواق المالية  
وفي الأخير يمكن القول إن الانفتاح المالي ليس كوسيلة للتنمية لاقتصاديات الدول النامية

الهوامش والمراجع
  يسمى هذا المصطلح باللغة الفرنسية Mondialisation، وباللغة الإنجليزية Globalization، ووضعت كلمة ) العولمة (   في اللغة العربية للدلالة على هذا المفهوم الجديد. 
  أحمد عبد الرحمان أحمد، "العولمة، المظاهر والمسببات"، مجلة العلوم الاجتماعية، الكويت، المجلد 26، العدد 2، ديسمبر 1999، ص 52.
  إسماعيل صبري عبد الله، "الكوكبة ، الرأسمالية العالمية ، مرحلة ما بعد الإمبريالية"، مجلة المستقبل العربي، العدد 222، 1997، ص 05.
  حمدي عبد الرحمان، "العولمة وآثارها السياسية في النظام الإقليمي العربي"، مجلة المستقبل العربي، العدد 258، أوت 2000، ص 04.
  يذكر أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون صرح بشأن العولمة قائلا، أننا قمنا بتحليل الأوضاع في الولايات المتحدة الأمريكية، ولما شعرنا بأننا لدينا اقتصادا قويا، قررنا تسريع خطوات العولمة مما يعني أن العولمة فعل إيرادي
   إكرام عبد الرحيم، التحديات المستقبلية للتكتل الاقتصادي العربي، مكتبة مدلولي، القاهرة، 2002.، ص 119
   قضايا وتحديات تواجه دولة الإمارات في ظل العولمة، مجلة الرياض. تاريخ الاطلاع 20/10/20  www.alriyadh.com
   حسن لطيف كاظم الزبيدي، "العولمة ومستقبل الدور الاقتصادي للدولة في العالم الثالث"، ط1، دار الكتاب الجامعي، العين، الإمارات العربية 
   محسن أحمد الخضيري، العولمة الاجتياحية"، مجموعة النيل العربية، القاهرة، 2001 ، ص 31.
  عبد الخالق عبد الله، العولمة جذورها وفروعها وكيفية التعامل معها"، مجلة عالم الفكر، المجلد 28، العدد 01، ربيع 1998، ص 54
  أقاسم حجاج، "العولمة ،النشأة السياسية"، مجلة السياسة الدولية، المجلد 40، العدد 159، جانفي 2005، ص 64.
  نفس المرجع السابق، ص 54.
  سامي عفيفي حاتم، اقتصاديات التجارة الدولية، جامعة حلوان، القاهرة، 2001، ص 312.
  أسامة المجدوب، العولمة والإقليمية ، مستقبل العالم العربي في التجارة الدولية ، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2001.، مرجع سبق ذكره، ص 36.
  العولمة والفرص المتاحة للدول النامية، إصدارات صندوق النقد الدولي، ترجمة أمينة عبد العزيز، أحمد هاشم فاطر، المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، العدد 02، ديسمبر 1997، ص 171.
  محسن أحمد الخضري، مرجع سبق ذكره، ص 36.
  لقد انتشرت هذه التوجهات منذ مطلع التسعينيات مع انهيار الاتحاد السوفياتي وتراجع دور الدولة في الاقتصاد.
   سمير المقدسي، "التكتل الاقتصادي العربي والعولمة على مشارف القرن 21"، مجلة شؤون عربية، سبتمبر 2000، العدد 103، ص 113.
   حميد الجميلي، مستقبل الأمن الاقتصادي العربي في ضوء تحولات نهاية القرن 20 "، مجلة شؤون عربية، العدد 100، ديسمبر 1999، ص 102.
    محمد الأطرش، "العرب والعولمة ما العمل"، مجلة المستقبل العربي، العدد 229، مارس 1998، ص 101
  عبد الخالق عبد الله،، مرجع سبق ذكره، ص 54.
  صلاح سالم، "العولمة والطريق الثالث"، بحث للسيد ياسين، مجلة شؤون عربية، العدد 107، سبتمبر 2001، ص 230.

  محمد طيفور، الآثار المالية للعولمة، جامعة حلب، سوريا                          www.alqaly.com/ob7ath?action=contact
  سامي عفيفي حاتم، اقتصاديات التجارة الدولية، جامعة حلوان، القاهرة ص 203
  محمد طيفور، مرجع سبق ذكره.
  عبد الحسين وادي العطية، الاقتصاديات النامية أزمات و حلول، دار الشروق للنشر و التوزيع، عمان الأردن 2001 ص 134
  حازم البيلاوي، النظام الاقتصادي الدولي المعاصر، مركز الأهرام للترجمة و النشر، ط 2، القاهرة 2005 ص 77
  حسين لطيف كاظم الزبيدي، مرجع سبق ذكره، ص 109
  نفس المرجع السابق ص
  حسين اللطيف كاضم الزبيدي، مرجع يبق ذكره،ص 153 
   محمد صفوت قابل ، الدول النامية والعولمة ، مرجع سبق ذكره، ص 151
   جيرد هاوسلر، عولمة التمويل، مجلة التمويل والتنمية، مارس 2002، ص11
   لمزيد من الاطلاع حول هذه الازمات انظر: عبد الحسين وادي العطية، الاقتصاديات النامية ازمات وحلول ، دار الشروق للنشر و التوزيع، عمان، الاردن 2001، ص ص 153-158
   حازم الببلاوي ، النظام الاقتصادي الدولي المعاصر، مركز الاهرام للترجمة والنشر، القاهرة، 2005، ص89
   هايزو هوانغ، الاستقرار النالي في اطار التمويل العالمي، مجلة التمويل و التنمية،مارس2002، ص 13
  اخوية، منظمة التجارة العالمية.                                                                         www.aklawia.net/showtheread.php
  عبد الحسين وادي العطية، مرجع سبق ذكره ص 137
  محمد صفوت قابل،الدول النامية و العولمة، الدار الجامعية، القاهرة 2003/2004 ص 147
  ادوارد ابنيات و آخرون، مكافحة غسيل الأموال و تمويل الإرهاب مجلة التمويل و التنمية، سبتمبر 2002 ص 44
  محمد طيفور، مرجع سبق ذكره
  ادوارد انينات و آخرون، مرجع سبق ذكره ص 138
  عبد الحسين وادي العطية، مرجع سبق ذكره ص 138
  محمد طيفور، مرجع سبق ذكره.
  عبد الحسين وادي العطية ، مرجع سبق ذكره ص 140
  حازم البيلاوي ، مرجع سبق ذكره ص 89 
  بسام محمد حسين ، العولمة المالية وأثارها على اقتصاديات الدول النامية               www.kfnl.gov.sa/darat/pplo/kshaf/k10/3 
  لويس حبيقة ، لبنان بين العولمتين التجارية و المالية                          www.al-moharer.net/moh115 /houbika175.htm  
  هايزو هوانغ و سن كال واجيد ، الاستقرار المالي في اطار التمويل العالمي مجلة التمويل والتنمية ، مارس 2002 ص14
  لويس حبيقة ، مرجع سبق ذكره.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا