Thursday, November 15, 2012

الملكية. Property Propriété


المِلكيّة

عرف مفهوم الملكيّة La propriété تطوراً تاريخيّاً مهمّاً. ففي الحضارات القديمة ـ كالحضارة البابليّة والرومانيّة والإغريقيّة ـ كانت الملكيّة في البداية جماعيّة للقبيلة.ـ ثمّ ظهرت بعد ذلك ملكيّة العائلة حيث كانت العقارات توزّع على رؤساء الأسر، ثمّ ظهرت الملكيّة الخاصّة. وتؤكّد الإعلانات والاتفاقيّات الدوليّة لحقوق الإنسان حقّ الملكيّة. وقد غالى بعض هذه الإعلانات، كإعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر عام 1789 بعد انتصار الثورة الفرنسيّة، حيث إنه أضفى صفة القدسيّة على حقّ الملكيّة فقط.
تعريف حقّ الملكيّة: حقّ الملكيّة هو حقّ عينيّ يمارسه صاحبه على شيء مباشرة، وله بموجب ذلك حقّ استعماله واستغلاله والتصرّف فيه.
وظيفة حقّ الملكيّة: انقسم الفقه حول مضمون وظيفة حقّ الملكيّة إلى مذهبين:
مذهب فرديّ ومذهب جماعيّ. ويرى أنصار المذهب الأول أن حقّ الملكيّة هو حقّ فرديّ مقدّس ومطلق، بحيث يحق للمالك أن يتصرّف بملكه كيفما شاء. وهذا هو المفهوم السائد في الدول الرأسماليّة. وقد عارض أنصار المذهب الثاني في عدّ حقّ الملكيّة هو حقّ مطلق، ونادوا بأن يكون له وظيفة اجتماعيّة أيضاً، وذلك لأن الملكيّة الفرديّة المطلقة من شأنها أن تؤدي إلى استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
ونتيجة لذلك لم يأخذ الدستور الدائم للجمهوريّة العربيّة السوريّة لعام 1971 بالمفهوم المطلق للملكيّة، وإنما حدّ من ذلك الإطلاق عن طريق فرض قيود عديدة على سلطات المالك على ملكه وعلى حرّيّته في حقّ التملّك، ومثال ذلك قانون الإصلاح الزراعيّ الذي يقيّد حرّيّة المالك في تملّك الأراضي الزراعيّة. وينصّ هذا الدستور على أن الملكيّة لها وظيفة اجتماعيّة في خدمة الاقتصاد الوطنيّ، ولا يجوز أن تتعارض في طرائق استخدامها مع مصالح الشعب. وأخذ الدستور السوريّ بمفهوم ملكيّة الشعب إلى جانب الملكيّة الخاصّة.
خصائص حقّ الملكيّة: يمتاز حقّ الملكيّة بالخصائص الآتية:
حقّ جامع: حيث يخوّل حقّ الملكيّة لصاحبه حقّ استعمال الشيء واستغلاله والتصرّف به، ومن ثمّ فهو يمنح صاحبه أوسع السلطات على الشيء. والأصل أن يجمع المالك كلّ هذه السلطات بين يديه، ويمكن أن تحدّ هذه السلطات قانوناً أو اتفاقاً.
حقّ استئثاريّ مانع: يستأثر المالك وحده بملكه والتمتّع به، وله أن يمنع غيره من مشاركته في التمتّع بملكه حتى لو لم تلحق به هذه المشاركة ضرراً. ومن ثمّ إذا حاول الغير الانتفاع بالشيء؛ يحق لمالكه أن يمنعه من ذلك. ولكن حقّ الاستئثار ليس مطلقاً، وإنما قد يرد عليه بعض الاستثناءات، ومثال ذلك حالة الدفاع المشروع عن النفس والمال، وحالة الضرورة.حقّ دائم: لا ينقضي حقّ الملكيّة إلا بهلاك الشيء؛ ومن ثمّ فهو حقّ دائم. ويترتّب على ذلك أن الملكيّة لا تقبل التوقيت بطبيعتها، ولا تقبل الإسقاط، ولا تزول بعدم الاستعمال.
عناصر حقّ الملكيّة: يمنح حقّ الملكيّة ثلاث سلطات للمالك، وهي الاستعمال والاستغلال والتصرّف.
الاستعمال: ويقصد به استخدام المالك الشيء فيما أعدّ له والحصول على منافعه. وقد يختلط الاستعمال بالاستغلال، ومثال ذلك قيام المالك بزراعة أرضه، فالزراعة هي استعمال للأرض، ولكن الحصول على المحصول هو استغلال للأرض. وقد يختلط الاستعمال بالتصرّف، ومثال ذلك الأشياء التي تستهلك بالاستعمال كالنقود. والمالك حرّ ـــ من حيث المبدأ ـ في استعمال ملكه أو عدم استعماله.
الاستغلال: ويعني الحصول على ثمار الشيء. ويكون الاستغلال إمّا مباشراً وإمّا غير مباشر.
التصرّف: وهو على نوعين: مادّيّ، ويهدف إلى إحداث تغيير مادّيّ في الشيء، كالبناء في الأرض. وقانونيّ، ويقصد به نقل ملكيّة الشيء أو إنشاء حقّ عينيّ عليه. وسلطة التصرّف المادّيّ في الشيء مقصورة على المالك، في حين أن سلطة التصرّف القانونيّ ليست مقصورة على المالك، وإنما تثبت لكلّ صاحب حقّ عينيّ كصاحب حقّ الانتفاع الذي يحقّ له التصرّف في منافع الشيء.
نطاق حقّ الملكيّة: لا تشمل الملكيّة الشيء ذاته فقط، وإنما تشمل أيضاً ما يلحق به وما يتفرّع عنه من ثمار ومنتجات.
ولا ينشأ حقّ الملكيّة إلا على شيء معيّن بالذات. ويترتب على ذلك تحديد كيان الشيء بوضوح من أجل منع اختلاطه بغيره من الأشياء. وإذا كان الشيء المملوك منقولاً؛ فيسهل تحديد كيانه. أما إذا كان عقاراً فيصعب تحديد كيانه؛ إذا كان أرضاً؛ وذلك لأنها ثابتة غير منفصلة بعضها عن بعض. ومن أجل تحديد كيان الأرض في مثل هذه الحال يلجأ إلى عمليّة تعيين الحدود؛ وذلك بوضع علامات مادّيّة ظاهرة على الخطّ الفاصل بين الأراضي المتجاورة.
وتشمل ملكيّة الأرض ما فوقها وما تحتها إلى الحدّ المفيد في التمتّع بها علوّاً وعمقاً. ومن ثمّ لا تشمل الملكيّة النطاق الذي لا يستفيد منه المالك علوّاً أو عمقاً، فمثلاً لا يستطيع مالك الأرض أن يمنع الطائرات والبالونات الطائرة من الطيران فوق أرضه. وليس لمالك الأرض أيضاً حقّ الاستيلاء على الموادّ المعدنيّة أو الآثار الموجودة في باطنها؛ التي هي من أملاك الدولة؛ لأنها تدخل في الثروة القوميّة للدولة.
ويستخلص من ذلك أن حقّ الملكيّة لا يقتصر على أصل الشيء محلّ الملكيّة، وإنما يمتدّ إلى ثمار الشيء ومنتجاته وملحقاته.
القيود التي ترد على حقّ الملكيّة: وهي على نوعين:
القيود الواردة على حريّة التملّك: وهي القيود المتعلقة بتملّك الأشخاص الاعتباريّة حيث لا يحقّ لها التملّك إلا في الحدود المعيّنة في سند إنشائها أو المقرّرة في القانون، والقيود المتعلقة بتملّك الأجانب، والقيود المتعلقة بتملّك العقارات الواقعة في مناطق الحدود، والقيود المتعلقة بتملّك الأراضي الزراعيّة.
القيود الواردة على سلطات المالك: وهي إمّا أن تكون قانونيّة وإمّا أن تكون اتفاقيّة.
القيود القانونيّة: وتقرّر هذه القيود من أجل حماية المصلحة العامّة، كالقيود المتعلقة بالمسافات وبالمحالّ الخطرة والمضرّة بالصحّة العامّة والمقلقة للراحة، والقيود المتعلقة بمنع البناء بجوار الآثار والمطارات والثكنات العسكريّة. وقد تقرّر هذه القيود أيضاً من أجل حماية المصلحة الخاصّة، كالقيود المقرّرة لمصلحة الجوار.
القيود الاتفاقيّة: وتسمى أيضاً بـ شرط المنع من التصرّف؛ ويقصد به الشرط الوارد في عقد أو وصيّة؛ والذي يهدف إلى منع المالك من التصرّف بمال معيّن من أمواله.
ويشترط لصحّة مثل هذا الشرط في القانون المدنيّ السوريّ أن يكون مبنيّاً على باعث مشروع يراد منه حماية مصلحة مشروعة للمتصرّف، أو للمتصرّف إليه أو الغير، وأن يكون مقصوراً على مدّة معقولة. ويجب تسجيل الشرط المانع من التصرّف إذا كان واقعاً على عقار أو مركبة.
النظام القانونيّ للملكيّة الشائعة:
تعريف الملكيّة الشائعة:
هي الملكيّة التي يكون فيها الشيء مملوكاً لعدّة أشخاص دون أن تكون حصّتهم مفرزة، وإنما تتحدد الحصّة في الحقّ ذاته إمّا رمزياً وإمّا بصورة حسابيّة. ومن ثمّ فإن الشيء محلّ الملكيّة الشائعة يظلّ غير منقسم، في حين أن حقّ الملكيّة ذاته هو الذي يقسم بين المالكين على الشيوع بحيث يكون لكلّ منهم نصيب معيّن فيه كالربع أو النصف.
وينشأ الشيوع إما بالتصرّف القانونيّ كالعقد، وإما بالواقعة القانونيّة كالميراث الذي يعدّ أكثر أسباب الشيوع وقوعاً.
ويحدّد القانون كيفيّة إدارة المال الشائع واستعماله وحقّ التصرّف فيه.
انقضاء الشيوع: ويكون بطريقتين:
اجتماع الحصص في يد شخص واحد: ويتمّ ذلك إما بالتصرّف القانونيّ، كالعقد الذي يشتري بموجبه أحد الشركاء حصص الآخرين، أو بالواقعة القانونيّة، كأن يرث أحد الشركاء حصص الآخرين.
القسمة: يحقّ لكلّ شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع. وهذا الحقّ متعلق بالنظام العامّ، فلا يجوز التنازل عنه. ولكن قد يرد على هذا الحقّ بعض القيود القانونيّة أو الاتفاقيّة. وقد يكون الشريك ـ في بعض الحالات ـ مجبراً على البقاء فيالشيوع.
وتتمّ القسمة إما بالتراضي وإما بالتقاضي، ومن ثمّ فهي على نوعين: القسمة الرضائيّة والقسمة القضائيّة، ولكلّ منهما شرائطها القانونيّة.
بعض الصور الخاصّة عن الملكيّة الشائعة:
ـ ملكيّة الأسرة: أجاز القانون لأعضاء الأسرة الواحدة ـ الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة ـ الاتفاق كتابة على إنشاء ملكيّة للأسرة لا تزيد على خمس عشرة سنة. وتتكوّن هذه الملكيّة إما من تركة ورثوها؛ وإما من أيّ مال آخر مملوك لهم.
ـ الشيوع الجبريّ: ويراد به بقاء المال المملوك على الشيوع مشاعاً بين الشركاء دوماً؛ وذلك بسبب الغرض الذي أعدّ له هذا المال؛ أو بسبب طبيعته التي لا تقبل القسمة، ولا يرد الشيوع الجبريّ إلا على العقارات.
ويكون الشيوع الجبريّ إما أصليّاً، ويكون محلّ الشيوع هنا أشياء مخصصة لمنفعة جماعة من الأشخاص، أو يكون تبعيّاً، حيث يكون محلّ الشيوع عقاراً مخصصاً لاستعمال عقارات أخرى، كالآبار المخصصة لخدمة عدّة عقارات. ومن أهمّ صورالشيوع التبعيّ هو الحائط المشترك وملكيّة الطبقات.
ويقصد بالحائط المشترك الحائط الفاصل بين ملكين متلاصقين، وتكون ملكيّته مشتركة، ويراد بملكيّة الطبقات تقسيم البناء بين ملاكين متعددين؛ بحيث يملك كلّ منهم شقّة أو أكثر فيه ملكيّة فرديّة. أما فيما يتعلق بهيكل البناء والمداخل والأساسات والمصاعد وما شابه ذلك فهي ملكيّة شائعة شيوعاً جبريّاً لجميع المالكين.    
أسباب كسب الملكيّة: وهي:
ـ الاستيلاء: وهو وسيلة لكسب ملكيّة الأشياء التي لا مالك لها؛ أي الأشياء المباحة، ويكون بوضع اليد عليها بقصد تملّكها. وتعدّ المنقولات مجالاً لاكتساب الملكيّة ابتداءً بالاستيلاء؛ وذلك لأن العقارات لا يمكن أن تكون من غير مالك.
ـ الالتصاق: وهو اتصال شيئين مملوكين لشخصين مختلفين أو اندماجهما معاً بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر دون تلف، ويتمّ بفعل الإنسان أو بفعل الطبيعة.
ـ العقد: وهو من أكثر أسباب كسب الملكيّة في الواقع العمليّ. وتختلف أحكام العقد سبباً من أسباب كسب الملكيّة تبعاً لما إذا كان الشيء منقولاً أو عقاراً.
ـ الحيازة: وهي وضع اليد على شيء مادّيّ بقصد تملّكه أو اكتساب حقّ عينيّ عليه، وذلك في فترة زمنيّة معيّنة.
ـ الميراث: ويقصد به انتقال الحقّ إثر وفاة صاحبه إلى الوارث بقوّة القانون.
ـ الوصيّة: وهي تصرّف إرادة منفردة مضاف إلى ما بعد الموت، يهدف إلى نقل ملكيّة شيء أو حقّ آخر إلى الموصى له.
فواز صالح

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا