Tuesday, December 18, 2012

السياسة العقابية هي المسؤولة عن ظاهرة العَود في السجون المغربية


يعتبر عبدالله مسداد الكاتب العام للمرصد الوطني للسجون أن حالات العود داخل المؤسسات السجنية هي من إفرازات السياسة العقابية التي لا تراعي المعايير المنظمة، والقواعد الأساسية للتعايش داخل السجون. كما يطرح من خلال هذا الحوار حقيقة ارتباط الجريمة ومظاهر الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية بظاهرة العود. زيادة على إعادة ضبط السياسة الجنائية وملاءمتها مع شمولية المرجعية الحقوقية. الحوار يستعرض أيضا الجانب المتعلق بالمسؤولية الأخلاقية عن حالات العود في السجون المغربية.
1 – تعاني بعض المؤسسات السجنية بالمغرب من ارتفاع نسبة العود بها، هل الأمر يتعلق بسياسة عقابية فاشلة؟
يُعتبر فشل السياسة العقابية المتبعة مؤشرا على ارتفاع نسب الظاهرة بالسجون، خاصة إذا علمنا أن نسبة لابأس بها من الساكنة السجنية تحمل صحيفة سوابقها حالات عود. المسألة يجب أن تكون ضمن محور اهتمامات القائمين على رسم السياسة العقابية الخاصة بتدبير المؤسسات السجنية. بصفة عامة الظاهرة هي محط اهتمام تقارير الحركات الحقوقية ودراسات المنظمات الفاعلة والجهات الرسمية منذ مدة، لكن في غياب أرقام ومعطيات إحصائية عن ظاهرة العود، يبقى الحديث عن استراتيجية ناجعة لمواجهة أشكال ومستويات ظاهرة العود عبارة عن كلام مؤجل .. لماذا .. ؟
أولا يجب التوفر على قواعد بيانات حتى نستطيع الوقوف على الحجم الكمي للظاهرة، وطبيعة الجرائم المتعلقة بها.
ثانيا هناك عوامل نفسية خاصة عائدة لشخصية السجين صاحب السوابق بسبب اعتبار العود كظرف مشدد في العقوبة.
ثالثا نجد غيابا كليا لنظم المعالجة المعلوماتية داخل السجون، مما يُعسر من الولوج والاطلاع على صحيفة سوابق السجين. كل هذه الأمور تُشكل حقلا إشكاليا خاصا بمعالجة ظاهرة العود بالمؤسسات السجنية المغربية.
2 – من المسؤول عن شيوع المظاهر والممارسات التي تساهم في ارتفاع نسبة العود داخل سجون المغرب؟
أولا هي مسؤولية المجتمع، فالجريمة مرتبطة بالظواهر الاجتماعية، وللحد من تنامي حالات العود، ينبغي الوقوف على الأسباب الحقيقة المرتبطة بالجريمة ومنها الفقر والجهل إلى غير ذلك من مظاهر الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعلقة بتصاعد نسب الجريمة في المجتمع. بالنسبة للشق الثاني المتعلقة بالمسؤولية، فهو يتعلق بجانب تنفيذ العقوبات وإعادة الإدماج والانخراط في المجتمع بعيدا عن معاودة السلوك الإجرامي. كل هذه العوامل من شأنها أن تضعنا أمام صورة كاملة عن طبيعة السياسة المتبعة ومدى نجاعتها في تدبير الشأن السجني. زيادة على تشخيص أسباب الظاهرة وآليات التعاطي معها والمقاربات الكفيلة بمعالجتها.
3 – هل من حلول اقتراحية للحد من الظواهر السلبية التي تشكل مناخا خصبا لتنامي حالات العود؟
نعم توجد هناك حلول واقعية للحد من الظواهر السلبية التي تشكل بيئة خاصة لتنامي العود. هناك مايتعلق بالسياسات العمومية المتعلقة بماهو اقتصادي واجتماعي وثقافي، وكذلك المرجعية الحقوقية في شموليتها. هناك أيضا ما يتعلق ببرامج إعادة التأهيل التي يتعين علينا توسيع قاعدة برامجها الموجهة. وبدون توفر الحلول الأساسية المذكورة، سيكون المجتمع في مواجهة تصاعد نوعي للظاهرة الإجرامية المرتبطة بحالات العود.
عموما في ظل غياب إرادة صريحة لإعادة النظر في المنظومة القانونية من خلال مراجعة الظهير المنظم، وتكليف وزارة العدل والحريات بتسيير وتنظيم المؤسسات السجنية، وملاءمة القانون المنظم 23/98 مع القوانين الدولية، والتفكير في بدائل للعقوبات السالبة للحرية والنهوض بأوضاع السجناء ستبقى الظواهر السلبية واقعا محسوسا بالمؤسسات السجنية بالمغرب.
4 – هل يمكن اعتبار مسطرة الاعتقال الاحتياطي من بين الأسباب المؤدية إلى تسجيل حالات عود بين السجناء؟
مسطرة الإعتقال الإحتياطي مرتبطة بسير العدالة والقضاء. نجد أن هناك حوالي 60 في المائة من الأحكام هي عبارة عن أحكام سالبة للحرية لفترات قصيرة. في هذا الإطار يمكن التفكير في سن عقوبات بديلة تتماشى مع تطبيق القانون والسلطة التقديرية على مستوى الضمانات الشخصية بدل جعل 60 في المائة من السجناء في مهب مؤسسات منتجة للجريمة.
معالجة ظاهرة العود تُحتم على صانعي القرار السياسي والتشريعي سن برامج إدماج حقيقية وتوفير إمكانيات مادية وبشرية للقطيعة مع تكرار حالات العود بالسجون المغربية، وإعادة ضبط السياسة المتبعة في تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية بالمغرب، وإعادة الاعتبار للسجن كمؤسسة لإعادة الإدماج والتربية.
عبدالله مسداد
الكاتب العام للمرصد الوطني للسجون
حاوره : محمد كريم كفال
عن الأحداث المغربية

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا