Wednesday, December 19, 2012

المسؤولية المدنية للمؤسسات البنكية


المسؤولية المدنية للمؤسسات البنكية
عبد الحكيم الحكماوي 
باحث قانوني 
أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ـ سلا

مقدمة
 
 
تقوم الأبناك بدور هام في تحريك عجلة الاقتصاد عبر توفير السيولة اللازمة لتمويل المشاريع التجارية والاقتصادية كما أنها تعين الأشخاص على تلبية بعض حاجياتهم ومدهم بالأموال الكافية لتوفير بعض الحاجيات الأساسية عبر القروض الاستهلاكية. وقد عمل المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات الأخرى على تنظيم نشاط المؤسسات البنكية من خلال مجموعة من النصوص القانونية.
 
ويقصد بالمؤسسة البكية حسب مدونة التجارة كل مؤسسة قرض وكل هيئة يخول لها القانون صلاحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها شيكات .
 
 
المبحث الأول
 
مسؤولية المؤسسة البنكية عن تقديم خدماتها المصرفية
 
 
تقوم  المؤسسة البنكية بمجموعة من العمليات في إطار علاقته بزبائنه وبالأشخاص الراغبين في الاستفادة من خدماته، وتبقى أهم هذه المعاملات شيوعا تلك المتعلقة بفتح الحساب البنكي و كل العمليات المرتبطة به كتلقي الودائع وعمليات الخصم و غيرها من العمليات الأخرى مثل الاعتماد المستندي .
 
والمؤسسات البنكية عند قيامها بالأعمال المنوطة بها قد تقع في بعض الأخطاء التي تسبب ضررا للزبائن أو للغير وهذا ما يجعلها مسؤولة مسؤولية قانونية عن أفعالها الضارة،
و المسؤولية القانونية البنكية يتغير تكييفها بحسب ما إذا كان الخطأ المرتكب ناتج عن مخالفة للقوانين و النظم الجاري بها العمل  و التي تفرض على البنك القيم بأمور و تنفيذ التزامات ذات طبيعة قانونية صرفة فتسمى عندئذ بالمسؤولية التقصيرية و هذا النوع من المسؤولية قد يتحقق اتجاه الغير أو اتجاه الزبون شخصيا ؛ كما يمكن أن تنتج المسؤولية القانونية البنكية عن خطأ ترتكبه المؤسسة البنكية أثناء تنفيذ العقد المبرم بينها و بين الزبون و هو ما يترتب عنه ما يصطلح عليه بالمسؤولية العقدية ،و لا يتصور تحقق هذا النوع الثاني من المسؤولية إلا اتجاه الزبون الذي تربطه بالبنك علاقة تعاقدية .
 
و كما قمنا بتقسيم المسؤولية المدنية للبنك بين تقصيرية و عقدية ، نميز بين تحقق المسؤولية البنكية القائمة على أساس العقد و التي قد تنشأ أثناء مرحلة التعاقد كما هو الحال بالنسبة لمرحلة التفاوض الذي يجريه الزبون مع المؤسسة البنكية قبل إبرام العقد المتفاوض بشأنه أو أثناء مرحلة تنفيذ العقد .
 
و على أساس هذا التمييز الأخير ارتأيت تقسيم هذا المبحث إلى شقين  سنجعل الأول خاص بالمسؤولية المدنية للمؤسسات البنكية في مرحلة ما قبل إبرام العقود البنكية ( المطلب الأول ) ، في حين سيكون الشق الثاني خاص بالمسؤولية المدنية للمؤسسات البنكية عند تنفيذ العقود البنكية ( المطلب الثاني ).
 
 
المطلب الأول
المسؤولية المدنية للمؤسسات البنكية في مرحلة ما قبل إبرام العقود البنكية
 
 
قد يخطأ الكثير عندما يتصور أن المسؤولية البنكية لا تنشأ إلا عن الأخطاء المحتمل ارتكابها من طرف المؤسسة البنكية خلال فترة التعاقد ، و لكن الواقع يكشف أن المسؤولية المدنية البنكية قد تنشأ عن إخلال المؤسسة البنكية بالالتزامات القانونية الملقاة على عاتقا قانونا و ما ترتبه نلك الأخطاء من أضرار سواء للغير أو للزبون .
 
و للتدليل على ما يمكن للمؤسسة البنكية أن ترتكبه من إخلالات  أو تهاون في القيام بواجبها القانوني خلال مرحلة ما قبل التعاقد نسرد مثالين الأول و يتعلق واجب الاستعلام الذي يفرض على المؤسسة البنكية ألا تأخذ القرار بشأن التعاقد مع الزبون إلا بعد أن تتمكن هي من كل المعطيات التي تعينها هي كمؤسسة مهنية في تقدير المخاطر التي قد تنتج عن إقدام الزبون على إبرام عقد ما ( عقد القرض  نموذجا ) ، و اعتبارا لهذا الوجه من المسؤولية نجد أن المؤسسة البنكية ملزمة كذلك بإعلام زبونها عن تلك المخاطر و أن تبدي له النصح و الإرشاد على ضوء ما يحصل بين يديها من وثائق و مستندات توضح بكل دقة و جلاء الوضعية المالية للزبون و كذا ما يمكن أن يترتب من مردودية للقرض الذي قد يقدم عليه أو ما قد ينتج عن ذلك من مخاطر .
 
و لذلك فسنركز في المطلب على أهم واجبين يلقيان على عاتق المؤسسة البنكية ألا و هما واجب الاستعلام ( الفقرة الأولى ) لننتقل فيما بعد إلى الحديث عن واجب الإعلام و إبداء النصح  ( الفقرة الثانية)
 
 
الفقرة الأولى
 واجب الاستعلام  obligation de s'informer
 
إن أول واجب يقع على عاتق المؤسسة البنكية عند طلب أحد الأشخاص الاستفادة من الخدمات التي تقدمها وخاصة طلب القروض ، هو واجب الاستعلام عن وضعية الشخص المالية سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، حيث إن التزاما يقع على عاتق المؤسسة البنكية قبل الإقدام على إقراض الزبناء يتمثل في ضرورة التأكد من وضعيتهم مالية و ذلك حتى لا يساهم قرار البنك بالموافقة على القرض في تأزيم الوضع المالي للزبون المقترض .
 
و قد عمل المشرع المغربي على حث المؤسسات النبكية على ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة من خلال أمرها باتخاذ مجموعة من الاحتياطات و على رأسها ضرورة تعيين مراقبين للحسابات تكون مهمتهم التأكد من صحة الوثائق المحاسبية التي يدلي بها الزبناء طلبا للقروض ، أو من أجل التأكد من الوضعية المالية الحقيقية للشخص المعنوي شركة كان أم مقاولة .
 
و هكذا فقد أكد المشرع المغربي في المادة 70 من القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على أنه : "  تلزم مؤسسات الائتمان بتعيين مراقبين اثنين للحسابات بعد موافقة بنك المغرب. وتحدد كيفيات الموافقة بمنشور يصدره والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان." كما حدد مأمورية هؤلاء المراقبين في ما تم التنصيص عليه بالمادة 72 من نفس القانون [1]
 
ذلك أن العمل على ضرورة الارتكاز على مراقبة المراقبين المحاسبيين توفر للبنك السند معفي من المسؤولية القانونية المدنية عند عزمها تمكين الزبون من قرض معين ، كما أن نفس المراقبة هي التي قد تكون سببا في تحميل المؤسسة البنكية المسؤولية عما قد يلحق الزبون من مخاطر بعد تسلمه للقرض ، و قد أتيحت للقضاء فرصة النظر في هذا النوع من الاحتياطات التي يتعين على المؤسسة البنكية القيام به ، ارتأينا أن نورد مثالا منها .
 
و هكذا فقد  ذهب القضاء الفرنسي في قضية ASTRE إلى أن البنك ملزم بالاستعلام عن الوضعية المالية الحقيقية للمقاولات كما أنه ملزم بالأخذ بالقوائم التركيبية المعتمدة من طرف مراقبي الحسابات وذلك من أجل استخلاص المعلومات المناسبة والحقيقية حول الزبون حتى يتحمل هذا الأخير مسؤوليته في حالة وجود أي خلل أو خطأ في المعلومات التي يتمكن منها البنك وبالمقابل تحميل البنك مسؤولية ما يمكن أن ينتج عن أعماله من أخطاء ارتكبت أثناء اتخاذه القرار بناء على معلومات صحيحة.
 
و على هذا النحو قرر القضاء الفرنسي أن المؤسسة البنكية تتحمل المسؤولية بناء على أخذها بوثائق محاسبية غير مؤشر عليها من قبل مراقب الحسابات أو لم يأخذ بها هذا الأخير علما [2]
 
و بالنظر في ما ذهب إليه هذا القرار نجد أن القضاء حمل المسؤولية للمؤسسة البنكية التي لم تقم بما يجب عليها من التزامات تتمثل في الأخذ برأي مراقب الحسابات الذي يتعين تعيينه و الذي يعطي للمعلومة المالية الناتجة من الوثائق المحاسبية و القوائم التركيبية تلك الشفافية و المصداقية التي بموجبها تخلي المؤسسة البنكية ذمتها من أية مسؤولية و تلقيها على عاتق الزبون الذي قد يكون أحدث غشا في تلك الوثائق .
 
هذا على مستوى الالتزام بالاستعلام المتعلق بالمؤسسة البنكية ، فماذا عن واجب إعلام الزبون ؟
 
 
 
الفقرة الثانية
 واجب الإعلام Obligation d'informer
 
 
يتمثل هذا الواجب في إلزام المؤسسة البنكية ببذل النصح و المشورة للزبون الذي يريد أن يقدم على عملية الاقتراض  من مؤسسة الائتمان بكل الملاحظات التي تراها المؤسسة المانحة سواء أكان القرض المزمع منحه مناسبا أم غير ذلك ، أو كان من شأن القرض الممنوح أن يشكل خطرا على الذمة المالية للزبون أو المقاولة و الشركة التي سيسند القرض لتمويل مشاريعها و ذلك حتى تعفي المؤسسة البنكية مسؤوليتها على اعتبار أنها مؤسسة مهنية هي الأقدر و الأجدر على إعطاء النصح و الإرشاد في مثل هذه الوضعيات .
 
و هكذا فمن من واجب المؤسسة البنكية في الحالة التي يكون الغرض من الحصول على مبلغ القرض تمويل مشروع معين دراسة ملف المشروع من جميع النواحي عبر الإمكانيات المتاحة للمؤسسة البنكية وذلك قصد تجنيب طالب القرض فشل المشروع وبالتالي التواجد في وضعية إعسار.
 
ويتبلور واجب الإعلام بشكل أساسي خلال مرحلة التفاوض حول القروض التي يطلبها الزبون من المؤسسة البنكية حيث إن هذه الأخيرة تلزم بأن تبدي النصح لزبونها بناء على المعلومات المتوفرة لدى البنك في إطار مهامها ووظيفتها وعلى هذا فالمؤسسة البنكية باعتبارها مؤسسة مهنية ملزمة بإعلام زبونها بمجموع المخاطر التي يمكن أن تنجم عن عملية القرض وذلك بناء على وضعية مقاولته المالية وكذا بناء على توقعات المؤسسة البنكية لمدى مردودية ونجاح المشروع المرتبط بالقرض، وقد حدث و أن قال القضاء كلمته في هذا الخصوص .
 
ففي هذا الصدد ذهب القضاء الفرنسي في قرار صادر عن الغرفة المدنية الأولى بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 27 يونيو 1995 إلى أن المؤسسات البنكية ليست مسؤولة فقط عن إبداء النصح للزبون قبل منحه القرض وإنما مسؤولة كذلك عن إعلامه وإبداء النصح له فيما يتعلق بوضعيته تجاه المانحين أو البعض منهم.
 
كما جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية لأوكسير بتاريخ 28 سبتمبر 1996 على  أنه يمكن للزبون أن يحمل المؤسسة البنكية مسؤولية التقصير في إبداء النصح خاصة في حالة التوقعات غير الكافية في منح القروض.
 
ففي مثل هذه الحالات وغيرها يكون البنك مسؤولا عن الأضرار التي تلحق بطالب القرض مسؤولية مدنية  تقصيرية  ويتحمل البنك مسؤوليته تجاه الزبون وتجاه الغير المتضرر من هذا الإقراض و مسؤول كذلك عن عدم قدرة المقترض على أداء الديون المتخلدة في ذمته تجاه المؤسسة البنكية.
 
وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي قبل أن يستقر على هذا الموقف كان يتجاذبه اتجاهان [3]:
 
اتجاه أول : يدعو إلى تحميل المؤسسات البنكية المسؤولية عن إخلالها بواجب الاستعلام والإعلام وإبداء النصيحة لزبائنها في إطار قروض الاستثمار.
 
 واتجاه ثاني : يدعو إلى عدم تحميل البنوك أية مسؤولية من شأنها أن تقيدها وتجعلها تتشدد في منح القروض الاستثمارية.
 
وإذا كان القضاء المغربي لم تتسنى له فرصة التعبير عن موقفه من تحميل المؤسسات البنكية المسؤولية عن إخلالها بواجب الاستعلام والإعلام تجاه زبائنها على حد اطلاعي فإننا يمكن و بكل وضوح الحديث عن السند القانوني الذي سلكه القضاء الفرنسي في القانون المغربي و ما يمكن أن يعتمد عليه قضاؤنا في حالة عرض النزاع عليه .
 
 فبالرجوع إلى مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود المغربي وبالضبط في فصله 83  [4]نجده يؤسس لمسؤولية المهني و التي يمكن أن تنسحب حتى على المؤسسة البنكية باعتبارها صاحبة مهنة و ذلك بخضوعها للمقتضيات الواردة بالبند الثاني من هذا الفصل ؛ ذلك أن المؤسسة البنكية يجب عليها أن تتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنيب زبونها كل المخاطر التي يمكن تجنبها و التي يمكنها الاطلاع عليها أو اكتشافها بحكم وظيفتها و تجربتها ، إذ بدون القيان بمثل هكذا واجب يعتبر منها أنها ارتكبت خطأ جسيما يوجب ترتيب المسؤولية عليها لما يتحقق من مخاطر على الوضعية المالية للزبون .
 
تلك إذن بعض الالتزامات التي يمكن أن ترتب المسؤولية المدنية للمؤسسة البنكية سواء في مواجهة زبناءها أم في مواجهة الغير . و إذا كانت الصور السالفة تنتج المسؤولية المدنية عم مجرد إخلال بالقيام بالواجب القانوني الذي تفرضه النصوص القانونية على المؤسسة البنكية فماذا عن المسؤولية المترتبة عن الإخلال بالتزام تعاقدي؟
 
 ذلك ما سنحاول الوقوف عليه من خلال المطلب الثاني و لو بصورة مقتضبة .
 
المطلب الثاني
المسؤولية المدنية للمؤسسات البنكية عند تنفيذ العقود البنكية
 
 
إذا كان من الممكن قيام مسؤولية تقصيرية للمؤسسة البنكية قبل الزبناء كما بينا أعلاه فإن علاقة هذه المؤسسة بزبائنها لا تخلو من أخطاء ضارة تنجم عن عدم تقيد البنك ببنود العقد أو توجيهات الزبون الشيء الذي يترتب عنه قيام مسؤولية عقدية للمؤسسة البنكية تجاه زبنائها.
 
فإذا  كانت العلاقة التي تربط المؤسسة البنكية  بالزبون هي علاقة عقدية فإنه يكون من اللازم على البنك التقيد بمضمن العقد والقيام بالتزاماته تجاهه  و ذلك وفقا لمبدأ سلطان الإرادة ، أي أن التزامات التعاقدية كما نشأت عن طريق التراضي فيجب أن تشهد تعديلا بنفس الكيفية ، و هكذا فليس من حق المؤسسة البنكية باعتبارها طرفا قوها في هذا النوع من العلاقات التعاقدية طرفا قويا أن تتصرف بإرادة منفردة من أجل الإخلال بالمراكز القانونية للزبون  سواء على مستوى تنفيذ العقد  البنكي في جميع مراحله أم على مستوى وضع حد لهذا التعاقد بإرادة منفردة .
 
إلا أن السؤال المطروح هو هل يعتبر هذا الإلزام للمؤسسة البنكية مطلقا أن هناك بعض الصور التي قد تعفي المؤسسة البنكية منه ؟
 
من المعلوم أن تنفيذ الالتزام التعاقد لا تنظم بقواعد موضوعية فحسب و لكن كذلك بموجب إجراءات يمكن القيام بها يكون لها أثر على طبيعة التعاقد أو مضمنه أو حتى بقاءه ؛ لذلك فليسمن اليسير حصر المسؤولية المدنية للمؤسسة البنكية بمجرد عدم الالتزام الظاهر للمؤسسة البنكية بما تم الاتفاق عليه . و لنا في هذا الصدد مجموعة من الصور التي سبق و أن عرضت على القضاء و قال كلمته فيها ارتأينا أن نورد البعض منها فيما يلي و ذلك من خلال فقرتين :
 الفقرة الأولى و سنخصصها لبعض صور المسؤولية المدنية للمؤسسة البنكية أثناء تنفيذ العقد البنكي فيما الفقرة الثانية سنجعلها مخصصة لأحكام إنهاء العلاقة التعاقدية بين المؤسسة البنكية و الزبون .
 
 
الفقرة الأولى
بعض صور المسؤولية المدنية للمؤسسة البنكية أثناء تنفيذ العقد البنكي
 
 
سنعرض في هذه الصور لمثالين : واجب المحافظة على وديعة الزبون ( أولا ) ثم الواجب المتعلق بالتقيد بتعليمات الزبون ( ثانيا )
 
 
أولا
واجب المحافظة على وديعة الزبون
 
تنفيذا لهذا النوع من الواجب رتب المشرع على عاتق المؤسسة البنكية مجموعة من الالتزامات التي يمكن أن تعتبر لاحقة بصورة أوتوماتيكية للعملية التعاقدية و التي من غيرها لا يمكن أن تأتي هذه الأخيرة الآثار المتوخاة منها ،و لعل أصم صورة من هذا النوع من الواجبات ما يتعلق بالتصرف في الوديعة البنكية للزبون عن طريق مؤسسة الشيك المنظمة بموجب مدونة التجارة .
 
ذلك أن أول واجب يقع على عاتق المؤسسة البنكية بهذا الخصوص يتمثل في ضرورة قيامها بالتأكد من توفر الورقة المقدمة إليها على شروط الشيك المنصوص عليها في المادة 239 من مدونة التجارة وعلى الخصوص اسم وتوقيع الساحب ووجود الأمر الناجز بأداء المبلغ واسم المسحوب عليه وتاريخ ومكان إصدار الشيك حتى تتمكن من التصرف في المؤونة التي يوفرها الزبون بحسابه البنكي لصالح الغير على الخصوص ، إذ أن كل إخلال بهذا النوع من الالتزام يرتب لا محالة على عاتق المؤسسة البنكية المسؤولية المدنية في مواجهة زبونها .
 
 وفي هذا الصدد فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش أنه:  " وفي النازلة فإن البنك المستأنف طالما أنه يتوفر على نموذج من توقيع المستأنف عليه. فقد كان لزاما عليه لما قدمت إليه الشيكات للاستخلاص أن يجري مقارنة ولو بسيطة بين التواقيع التي عليها وبين التوقيع النموذجي المودع لديه. وأن يسجل عدم التطابق الظاهر بينها لاسيما وأن الاختلاف بينها واضح ومن السهل ضبطه ولو بالعين المجردة . وأن المؤسسة المذكورة عندما أهملت هذا الالتزام ومكنت حامل الشيكات المذكورة من شهادة تفيد رجوع هذه الشيكات بدون أداء لسبب آخر يتجلى في انعدام المؤونة بالحساب ، تكون قد ألحقت ضررا فادحا بصاحب هذا الحساب كان من الممكن تفاديه لو تضمنت الشهادة المذكورة ملاحظة عدم مطابقة التوقيع التي كان من شأنها أن تغني عن البحث في وجود المؤونة من عدمها. "
و على هذا فالمؤسسة البنكية و إن كانت  مرتبطة بزبونها بموجب عقد معين فإنها لا يمكنها التحلل من الواجبات الملقاة على عاتقها بموجب النص القانونية التشريعي الذي يثقل كاهلها بمجموعة من التزامات التي تعتبر مكملة لما يتضمنه العقد البنكي . هذا على مستوى التدابير التي يتعين على المؤسسة البنكية اتخاذها قبل التصرف في مؤونة الزبون لكن هل يمكن تصور إعفاء المؤسسة البنكية من أية مسؤولية في حالة ما إذا ظهر أن الزبون اتخذ بعض الإجراءات تعاملت معها المؤسسة البنكية على النحو القانوني المطلوب ؟
 
بالفعل فكما أن المؤسسة البنكية تكون مسؤولة عما يلحق من أضرار بالزبون جراء عدم الالتزام ببنود العقد أو التقييدات القانونية ، فإنه يمكن القول بأن المؤسسة البنكية تعفى من أية مسؤولية في الحالة التي يتخذ فيها الزبون إجراء معينا متعلقا بمؤونته تنفذه المؤسسة البنكية على النحو القانوني السليم .
 
و هكذا فقد عرض على القضاء هذا النوع من النزاعات و ذي قال فيه كلمته  على نحو نراها قانونيا ؛ إذ جاء في قرار لمحكمة الاستيناف التجارية بالدار البيضاء أنه : " حيث تمسك الطاعن بأن مهمته عند وفاء الشيك تنحصر في التأكد من بياناته الإلزامية و التحقق من كون المستفيد الشرعي هو حامل الشيك و أن حامل الشيك أدلة ببطاقته الوطنية الحاملة لصورته عند التقديم و لم يبد عليها أي زور أو تحريف ، و هو ما دفعه إلى صرف قيمته . و أن المستأنف عليه بسحبه للشيك خاليا من اسم المستفيد منه يتحمل مسؤولية عدم حيطته ... وحيث إن المستأنف عليه الذي وقع على الشيك دون بيان اسم المستفيد منه و وجهه عبر البريد يعتبر مسؤولا عن عدم اتخاذه الحيطة اللازمة عند التعامل بالشيك و بالتالي لا يجوز له الرجوع على البنك المسحوب عليه نظر لعدم صدور أي إخلال عن هذا الأخير " [5]
 
و بالنظر في ما جاء به هذا القرار نجد أن المحكمة طبقت القانون تطبيقا سليما على اعتبار أن ما ورد بالمادة 239 من مدونة التجارة لا يتضمن كون اسم المستفيد من البيانات اللازمة للشيك حتى تكون له القوة الناجزة في الأمر كما أن مما ورد بالمادة 243 من نفس المدونة تنص على أن : " الشيك المسحوب لمصلحة شخص مسمى و المنصوص فيه على عبارة " أو لحامله " أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى يعتبر شيكا لحامله . و يجري الحكم نفسه على الشيك الخالي من بيان اسم المستفيد "
و على هذا النحو فما دام قد ثبت للمحكمة أن المستأنف عليه لم يضمن اسم المستفيد بالشيك المقدم للمؤسسة البنكية كما ثبت لها أن هذه الأخيرة قد أخلت ذمتها باتخاذها للاحتياطات اللازمة  للتأكد من هوية المستفيد و قضت على نحو ما جاء بالقرار تكون في نظرنا قد طبقت القانون على النحو القانوني السليم و و فق ما جاء من مقتضيات بالفصلين المذكورين أعلاه .
 
هذا على مستوى اتخاذ الحيطة و الحذر عند القيام بأي إجراء من شأنه الانتقاص من الوديعة البنكية العائدة ملكيتها للزبون ، فماذا عن واجب ضرورة التقيد بتعليمات الزبون ؟
 
ثانيا
واجب التقيد بتعليمات الزبون
 
لما كانت علاقة صاحب الحساب (الساحب) بالمؤسسة البنكية المسحوب عليها تعتبر علاقة مودع بمودع لديه فإن هذه الأخيرة تكون ملزمة كلما قدم لها شيك للوفاء يحمل كافة البيانات الأساسية العمل على تنفيذ أمر الساحب عن طريق وفاء البنك للغير الحامل له[6].وفي هذا الصدد  تقرر المادة 309 من المدونة أن كل مؤسسة بنكية ترفض وفاء شيك سحب على صناديقها سحبا صحيحا، وكانت لديها مؤونة ودون أن يكون هناك أي تعرض، تعتبر مسؤولة عن الضرر الحاصل للساحب عن عدم تنفيذ أمره وعن المساس بائتمانه.
وتبعا لذلك يتحمل البنك مسؤوليته عن عدم الأداء.
 
 وقد ألزمت المادة 247 المسحوب عليه بالوفاء بمبلغ الشيك المحرر بالأحرف في الحالة التي يحرر فيها مبلغ الشيك بالأحرف والأرقام في آن واحد حيث يتحمل  البنك مسؤوليته اتجاه زبونه ويلزم بأداء الفرق بين المبلغين[7].
 
كما أن عدم تنفيذ البنك لتعليمات أحد زبنائه بكل أمانة يستوجب مسؤوليته والتالي تعويض الزبون عما لحق به من ضرر.
 
وتطبيقا لهذا المبدأ فقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش أنه : " وحيث وكما سبق القول أعلاه أنه كان على المؤسسة البنكية لما بلغها زبونها المستأنفة بعد استعمال البطاقة الخاصة بها من طرف السيد ...  أن تعمل حالا على إيقاف العمل بها وعدم صرف أي مبلغ يتعلق بتحويلاتها . وما دامت لم تفعل تكون مسؤوليتها ثابتة في النازلة وتعين عليها والحالة هاته أن تؤدي للعارضة المبالغ التي صرفت أو حولت بعد التعليمات المذكورة".
 
كما جاء في قرار آخر لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء أنه : "حيث إنه بالرجوع إلى الشيك موضوع النزاع  يتبين أنه مستوف لسائر البيانات المنصوص عليها بالمادة 239 م أعلاه . و أن المبلغ المتضمن به..... درهم ورد بشكل واضح و مقروء بالحروف و الأرقام و لا يوجد أي خلاف مع نفس الرقم الوارد بالحروف مما يكون معه امتناع المستأنف صرف الشيك بحجة سوء التحرير غير مبني على أساس سليم مما يكون معه الحكم المستأنف قد صادف الصواب حينما قضى على الطاعن بأداء قيمة الشيك المذكور، ويتعين تأييده في هذا الخصوص مع تعديله وذلك بالتنصيص على صرف قيمة الشيك من حساب السيد .... المفتوح لديه تحت عدد ....  لفائدة المستأنف عليها شركة افيسام)[8].
 
فمن خلال مثل هذه القرارات التي سردنا يتضح أن القضاء حمل المسؤولية للمؤسسة البنكية كلما أعطاها الزبون أمرا على النحو المطلوب قانونا ، و أوجب عليها تعويض ما لحق ذلك الزبون من ضرر ناتج عن رعونة فعل تلك المؤسسة .
 
 
الفقرة الثانية
 
 المسؤولية المدنية البنكية الناتجة عن الإخلال بأحكام إنهاء العلاقة التعاقدية بين المؤسسة البنكية و الزبون
 
 
 ألزم المشرع المؤسسات البنكية من خلال المادتين 505 و 525 القيام بتبليغ الزبون إشعارا كاتبيا وانتهاء أجل يحدد عند فتح الحساب أو الاعتماد، دون أن يقل هذا الأجل عن ستين يوم ، وحملت الفقرة الأخيرة من المادة 525 المؤسسة البنكية المسؤولية المالية عند عدم احترام واجب الأشعار والأجل المحدد له.
 
غير أن ذات المادة قد أعفت البنك من واجب الإشعار وسمحت له بقفل الاعتماد بدون أجل في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع أو في حالة ارتكابه لخطأ جسيم في حق المؤسسة المذكورة أو عند استعماله للاعتماد.
 
وتطبيقا لهذه المقتضيات الأخيرة فقد قضت محكمة الاستئناف التجارية بفاس بأنه :" يمكن للمؤسسة البنكية قفل  الحساب بدون أجل في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع وفي حالة ارتكابه لخطأ جسيم في حق المؤسسة المذكورة وعند إساءة استعماله للاعتماد طبق مقتضيات المادة 63 من القانون البنكي المؤرخ في 6/7/93 والمادة 525 من م ت وبالتالي فإنه لا مجال لمسائلة البنك عن عدم تنفيذ التزامه بتغطية مدفوعاته للغير ويصرح بعد التصدي برفض أي طلب متعلق بالتعويض عن الضرر الحاصل للطالب)[9].
 
إلا أنه بالرجوع سواء للمقتضيات القانونية أو التنصيصات القضائية يتبين أن مفهوم الخطأ ألجسيم يبقى أمرا غامضا لا يمكن تجريده بصورة مسبقة و بالتالي فهو يتغير و يتبدل بتغير و تبدل الصور التي تأخذها النزاعات ، و على ذلك فصور الخطأ الجسيم تبقى خاضعة في تحققها للسلطة التقديرية للمحكمة على اعتبارها أنها من مسائل الواقع و أنها وقائع مادية يمكن إٌثباتها أو إثبات عكسها بكل وسائل الإثبات .
 
تلك إذن بعض الصور التي يمكن أن تنتج عنها المسؤولية المدنية البنكية عن فعها الضار ، فماذا عن المسؤولية المدنية للمؤسسة البنكية عن فعل تابعيها ؟
 
المبحث الثاني
 مسؤولية المؤسسة البنكية عن فعل مستخدميها
 
 
سنتطرق في هذا المبحث إلى الحديث عن هذه المسؤولية من خلال محورين الأول سنخصصه لأساس المسؤولية البنكية عن فعل مستخدميها ( المطلب الأول ) في حين سنتطرق لحدود هذه المسؤولية فيما بعد ( المطلب الثاني )
 
 
المطلب الأول
 أساس المسؤولية المدنية للمؤسسة البنكية عن فعل مستخدميها.
 
تعتبر المؤسسات البنكية مسؤولة عن كل فعل صادر عن مستخدميها بمناسبة أدائهم لمهامهم بهذه المؤسسات والذي ينتج عنه ضرر للزبون أو الغير.وتعتبر هذه المسؤولية إحدى صور مسؤزلية التابع عن أعمال المتبوع التي تخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، يحث ينص الفصل 85 من ق ل ع في فقرته الأولى على أنه: " لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته".
 
و على ذلك يجوز لنا التساؤل عن الصور التي يمكن للمؤسسة البنكية أن تتحمل فيها المسؤولية عن فعل مستخدميها هل تحدد في الحالات التي يكون فيها الضرر الحاصل للزبون ناتجا عن خطأ عمدي أم لا بد من وجود الخطأ الغير العمدي للقول بمسؤولية المؤسسة البنكية ؟ كما يثور التساؤل حول طبيعة هذا الخطأ الذي يجعل المؤسسة البنكية مسؤولية هل هو الخطأ اليسير أم الخطأ الجسيم أو الصورة المتوسطة بينهما من أنواع الأخطاء .
إن المعيار المعتمد من قبل الفقه للقول بوجود خطأ من المستخدم يتحمل مسؤوليته الخادم و الذي هو في معرض حدينا المؤسسة البنكية هو معيار التبعية و لا يهم بعد ذلك ما إذا كان الخطأ عمديا أم غير عمدي ، و هذا ما قال به الأستاذ مأمون الكزبري الذي جاء في حديثه عن خطأ المستخدم أنه يستوي في ذلك أن يكون هدا الخطأ عمديا أو غير عمدي مادام الخطأ قد صدر من المستخدم بمناسبة أدائه لعمله[10].
وتتميز مسؤولية المتبوع بكونها مقررة بقرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس[11]، أي أن المتبوع لا يستطيع درء المسؤولية عن نفسه عن طريق إقامة الدليل على أنه قام بواجب الإشراف والرقابة على أحسن وجه[12].
 
ويبقى أهم رأي في تأسيس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه هو ذلك الذي يقيمها على أساس الخطأ المفترض في جانب المتبوع والذي أخطأ في اختيار التابع أو أخطأ في المراقبة والتوجيه.
 
ولقيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه شرطين اثنين: يتمثل الأول في قيام علاقة تبعية بين المتبوع والتابع وتوجيهه، بينما يتمثل الشرط الثاني في صدور خطأ من التابع بمناسبة أدائه لوظيفته.
 
واستنادا على ما سبق نخلص إلى أن مسؤولية المؤسسات البنكية عن الأفعال الضارة الصادرة عن مستخدميها هي مسؤولية مفترضة لا تقبل إثبات العكس[13]ما دام الخطأ صادر عن مستخدميها بمناسبة قيامهم بالمهام المسندة إليهم من قبل المؤسسة.
 
فما هي صور مسؤولية الأبناك عن أخطاء مستخدميها وما حدود هذه المسؤولية.
 
 
المطلب الثاني
 حدود مسؤولية المؤسسة البنكية عن فعل مستخدميها
 
لإن كانت الأخطاء المرتكبة من طرف مستخدمي المؤسسات البنكية كثيرة ومتنوعة بحيث يصعب حصرها فإن مسؤولية البنك عن هذه الأخطاء تبقى واحدة مهاما كان قدرها ومهما كانت نية مرتكبها فمناط مسؤولية الأبناك منوط بوقوع ضرر للزبون أو الغير بسبب خطأ مستخدميها وهي ملزبة في ذلك بتعويض هذا الضرر.
 
وقد استقر الفقه والقضاء على تحميل البنك المسؤولية التامة عن أخطاء مستخدميها بصفتهم هاته، حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء صادر بتاريخ 6/5/2003 أنه :"لكن حيث إن أساس الدعوى هو خطأ مستخدمي المستأنفة بقبول الشيكات في إطار عملية الخصم رغم أنها غير قابلة للتظهير وتحويل قيمتها لغير الشخص المسحوبة لأمره، إذ إن قبول الشيكات على هذا النحو كاف لقيام المسؤولية المدنية وهو ما ثبت للمحكمة من مجرد الاطلاع على صكوك الشيكات المدلى بها بالملف...وحيث إنه من جهة أخرى فإن الأفعال التي ارتكبها مستخدموا البنك العقاري والسياحي والتي كانت السبب في الضرر اللاحق بالمستأنف عليها...والمتمثل في اختلاس مبلغ 1.003.008.00 درهم، إنما صدرت منهم بصفتهم مستخدمين بوكالة القرد العقاري والسياحي مكلفين بتلقي الشيكات بعد إجراء الفحوص اللازمة والتأكد من شخص المستفيد ومدى قابلية الشيك للتطهير من عدمه، وإنهم قد أهملوا القيام بذلك وقبلوا تسلم شيكات غير قابلة للتطهير ولا تحمل اسم المستأنف عليها... وبذلك فإن الإجراءات التي سلكوها لتحويل المبالغ التي تتضمنها تلك الشيكات وتحويلها لحسابه بنفس الوكالة التي يعملون بها إجراءات غير سليمة وهم بذلك قد ارتكبوا خطأ في تأدية وظيفتهم. وتبعا لذلك تقوم مسؤولية البنك العقاري والسياحي عن الضرر الذي تسبب فيه مستخدموه بصفتهم تلك سواء على أساس الفعل الضار الذي صدر منهم أثناء تأدية وظيفتهم، أو على أساس كون وظيفتهم هي التي هيأت لهم ظروف ارتكابها، وذلك بصرف النظر عن كون هذا الفعل صدر عنهم عمدا أو عن غير عمد.[14]"
 
و بذلك يكون القضاء قد أجاب عن التساؤل الذي سبق لنا و أن طرحناه حول طبيعة الخطأ الذي تتحمل المؤسسة البنكية المسؤولية عنه هل هو الخطأ العمدي أم الخطأ الغير العمدي  ، إلا أنه بالرغم من ذلك يبقى التساؤل مطروحا و جديرا بالدراسة هل يمكن تحميل الشخص مسؤولية الخطأ الضار و العمدي عن فعل غيره ، و هل ينطبق ذلك مع فكرة المسؤولية كما هي فكرة فلسفية مجردة تنطوي على نقطة واحدة و هي أن كل واحد منا يتحمل المسؤولية عن الفعل الصادر عنه و خاصة إذا كان ذلك الفعل جاء بصورة واعية و عمدية ؟ و ما يدفعنا لهذا القول هو الإمكانية التي يعطيها المشرع للمتبوع في إمكانية الرجوع على التابع في حالة ما إذا تسبب بفعله خلال فترة التبعية في تحميل المتبوع لمسؤولية ذلك العمل .
 
 الهوامش
 
[1]  تنص المادة 72  على أنه  : " يعهد إلى مراقبي الحسابات بمهمة:
- مراقبة الحسابات وفقا لأحكام القسم السادس من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة؛
- التأكد من احترام التدابير المتخذة تطبيقا لأحكام المواد 45 و 50 و 51 من هذا القانون؛
- التحقق من صدق المعلومات المقدمة إلى الجمهور ومن مطابقتها للحسابات
 
 
[2]   قراري  محكمة النقض الفرنسية  جنحي صادرين على التوالي بتاريخي 22-05-1985 و 25-05- 1985
 
[3]  محمد الفروجي : العقود البنكية بينمدونة التجارة و القانون البنكي  ؛  مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الأولى  1998 ص 359 و ما يليها
 
[4]   ينص الفصل 83 من ق ل ع على أنه : " مجرد النصيحة أو التوصية لا تترتب عليها مسؤولية صاحبها  إلا في الحالات الآتية : 1- إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف الآخر.  2 - إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته، قد ارتكب خطأ جسيما أي خطأ ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في مركزه ونتج عن هذا الخطأ ضررا للطرف الآخر.  3- إذا ضمن نتيجة المعاملة. "
 
[5] قرار محكمة الاستيناف التجارية بالدارالبيضاء صادر بتاريخ 02-11-2004  تحت عدد 3318 /04  في الملف رقم417/04/16 .
 
[6]  قرار المجلس الأعلى عدد 581 بتاريخ 25/5/2005 في الملف التجاري عدد 681/04 منشور بمجلة المجلس الأعلى عدد 66 ص 203 وما بعدها.
 
[7]  حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 29/02/2000 في الملف التجاري عدد 909/99 منشور بمجلة الإشعاع عدد 24 ص 213 وما بعدها.
 
[8]  قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 1493/2003 في الملف عدد 2654/2002/8، غير منشور.
 
[9]  قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس بتاريخ 22/2/2000 تحت عدد 96/00 في الملف عدد 869/99 منشور بمجلة المحاكم التجارية عدد 1 ص 261 وما يليها.
 
[10]  هذا ما ذهب إليه القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء تحت عدد1554/2003 في الملف عدد2350/2002/14 ،غير منشور.
 
[11]  مأمون الكزبري، نطرية الالتزام في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، ص 531.
 
[12]  م س نفس الصفحة.
 
[13]  هذا لايعني أن المؤسسة البنكية لا تستطيع دفع المسؤولية عنها بخصوص الضرر اللاحق بالغير بل يمكنها درء المسؤولية عنها بإثبات انعدام العلاقة السببية بين خطأ مستخدميها والضرر اللاحق بالغير مثلا.
 
[14]  قرار رقم 1554/2003 صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، بتاريخ 6/5/2003، في الملف عدد 2350/2002/14، غير منشور

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا