Thursday, January 31, 2013

ترجمة مقال: الديمقراطية تعمل.. ولكن بشكل بطيء جداً




العنوان الأصلي: Democracy Works - Only Very Slowly
الكاتب: ناثان براون Nathan Brown
المصدر: International Herald Tribune
التاريخ: 4 تموز/ يوليو 2007
ترجمة: الزيتونة
* * *
يرى ناثان براون أن المشكلة ليست في فشل العملية الديمقراطية في تطويع الإسلاميين وتحويلهم إلى أحزاب سياسية طبيعية، بل تكمن في كون الديمقراطية تعمل بشكل بطيء وطويل المدى بشكل لا يمكن لصناع القرار احتماله.

تطرح الخطوة العنيفة التي قامت بها حماس في قطاع غزة سؤالاً شائكاً: هل أدت تجربة استخدام الديمقراطية لتطويع الإسلاميين إلى نتائج كارثية؟
ما يحصل في فلسطين كارثة بالفعل، ولكن قبل أن نندفع باتجاه التخلي عن الديمقراطية يجب أن نلفت النظر إلى أزمة سياسية أخرى تدور في الكويت ألطف بكثير مما يحدث في غزة. فوزير النفط، وهو من أفراد العائلة الحاكمة، أجّج مؤخراً انتقادات نيابية حادة حين تحدث باحترام وتقدير عن أحد الوزراء السابقين الذي تولى منصب وزير النفط، وهو قريب له اتهم باختلاس الملايين من خزينة الدولة. ولكن فيما حاول البعض إقالة الوزير، فإن أعضاء الحركة الإسلامية الدستورية في الكويت حاولوا تعويم الأزمة من خلال ضمان أن يقدم الوزير اعتذاراً عما بدر منه من كلام. ولم يكن تحركهم هذا نابعاً من تعاطفهم مع الوزير فقط، بل لأنهم في الواقع يشغلون مناصب في الوزارة التي لا يرغبون في رؤية إدارتها تنهار. وفيما نجد الحركة الإسلامية الدستورية في الكويت تتصرف بشكل طبيعي كما كل حزب سياسي، فإن حماس أجبرت واختارت أن تتصرف بشكل خرقت من خلاله قوانين اللعبة الديمقراطية. ومع اختلاف سلوك الحركتين إلا أن كلاهما تتحدران من صل واحد فهما فرعان محليان لحركة الإخوان المسلمين، الحركة التي تأسست في مصر عام 1928، ولعل الاختلاف في الموقف بين الحركتين يدل على أن الديمقراطية قد تتمكن من تطويع الإسلاميين أو لا تتمكن.
حين تعرض على الحركات الإسلامية فرص ديمقراطية، فإنهم يقبلونها بشكل عام، وحين ينشطون في النظام الديمقراطي، فإنهم غالباً ما يعدلون مواقفهم. فالديمقراطية تؤثر فيهم، ولكن هناك إشكاليتان: أولهما أن الديمقراطية تعمل ببطء، وثانيهما أنها ليست العامل الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه.
هناك ثلاثة عوامل تلعب دوراً في الدول العربية وتسهم في إضعاف فعالية الآليات الديمقراطية لتحويل الإسلاميين إلى أحزاب سياسية طبيعية. أولها، مجموعة الصراعات الدولية التي تغرق فيها المنطقة، فحين، يصبح الحرب والسلام أكثر أهمية وإثارة للقلق من الشؤون الداخلية، فإن الأطراف الدولية سرعان ما تفقد اهتمامها بالديمقراطية، والأنظمة الشمولية تعمد إلى استخدام هذه الحروب للحؤول دون فوز الإسلاميين ولتبرير فرض القيود على الديمقراطية. ولذلك ليس من قبيل الصدفة أن تكون الكويت والمغرب أكثر نجاحاً في إدماج الإسلاميين في مسيرة الديمقراطية من مصر وفلسطين.
ثاني هذه العوامل يكمن في أن الإسلاميين يمكن إدماجهم بسرعة أكبر حين يكون هناك قوى سياسية متنافسة لها مصداقيتها في المجتمع، إلا أن الليبراليين والعلمانيين واليساريين أثبتوا ضعفهم في معظم الدول العربية. ومع المنافسة التي تقع بين الأنظمة الشمولية والحركات الإسلامية بشكل مباشر، تكون مساحة المساومة على السياسات الديمقراطية ضيقة جداً. وفي محادثات أخيرة مع قادة في حركة الإخوان المسلمين في مصر، دهشت باهتمامهم الواضح بوجود معارضة قوية، ليس فقط بسبب كونهم قد كرسوا أنفسهم لمبادئ التعددية السياسية، بل أيضاً لأنه في حساباتهم إذا وقفوا وحدهم فلن يستطيعوا أن يضغطوا في الاتجاهات التي يريدونها.
ثالث هذه العوامل، أن الأنظمة العربية تعلن بوضوح أن السياسات الديمقراطية لا يمكنها أن تحقق تقدماً كبيراً، فحين أعلن أحد قادة الإخوان المسلمين في الأردن أن حزبه قادر على الفوز في الانتخابات واستلام دفة الحكم، تصرف النظام وكأن هذا القيادي أطلق تهديداً ثورياً. وفي الخلاف بين فتح وحماس، كان القانون بشكل عام إلى جانب حماس، ولكن هذا لم يمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس من التهديد باتخاذ إجراءات غير قانونية. ويتساءل الإسلاميون في العديد من الدول إلى أي مدى يستحق الأمر خوض اللعبة السياسية حسب القوانين الديمقراطية، في الوقت الذي يعلمون فيه أن هذه القوانين وضعت لمواجهتهم، وأنهم حتى لو فازوا فإن الطاولة ستقلب عليهم.
في الأسابيع الأخيرة، أظهرت حركة حماس وجهين. فبعض قادتها دعا إلى الوحدة ومراعاة الدستور، وأقسموا أنه ليس لديهم أي شيء ضدّ حركة فتح، بل إن إجراءاتهم كلها موجهة لأولئك الفتحاويين الذين يعدون لمؤامرة انقلابية، ولكن في شوارع غزة كان أتباعهم ينفذون عمليات إعدام ميدانية، ويتحدثون عن دولة إسلامية. ولعله يمكن القول إن القادة كانوا غير قادرين التأثير على أرض الواقع أكثر مما يمكن اتهامهم بأنهم لم يكونوا صادقين فيما صرحوا به.
وبالتالي، فإن المشكلة في استخدام الديمقراطية كأداة لمعالجة الخلافات المحلية ليس في كونها تثبت فشلها، ولكن في كونها تعمل بشكل بطيء وغير مؤكد لا يمكن لصناع القرار احتماله. وكحل بعيد المدى، لن يكون هناك أمر أصوب من استخدام الديمقراطية لجعل الحركات الإسلامية تتحول إلى أحزاب سياسية عادية. ولكن حتى نجد أنفسنا قادرين وراغبين في العمل وفق إستراتيجية طويلة المدى، فإن الديمقراطية ستستمر في تخييب آمالنا، وفي بعض الأوقات إنزال الرعب في قلوبنا بسبب النتائج التي ستحققها.


No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا