Friday, May 17, 2013

دراسة: مستجدات ظهير التحفيظ العقاري


جاء القانون رقم 07-10 المتعلق بالتحفيظ العقاري بمجموعة من التعديلات و المقتضيات الجديدة نود الوقوف عند أهمها، والغاية المقرر منها.

أولا: جاء الفصل 10 وحدد الأشخاص الذين يحق لهم أن يتقدموا بمطلب التحفيظ. وما تجدر ملاحظته ما يلي:
لقد أعيدت صياغة هذا الفصل بالتعديل والتتميم مقارنة بصياغة النص التي وقع إلغاؤها.

عددت الفقرة الثالثة من الفصل العاشر أصحاب الحقوق العينية التي يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ بالإضافة إلى المالك، و حددها في حق الانتفاع و حق السطحية الكراء الطويل(الأمد) الزينة، و الهواء، و التعلية و الحبس.
ألغى التعديل الفقرة الرابعة التي تحول من يتمتع بالحقوق المتفرعة عن الملكية وفقا للفقه الإسلامي دون تقديم المطلب.
يستفاد من التعديل أن المشرع لم يعد يقرر جميع الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية طبقا لقواعد الشريعة الإسلامية وإنما اقتصر فقط على أربعة حقوق و هي: الزينة، و الهواء، والتعلية، والحبس. أما الحقوق الإسلامية الأخرى فلا يعتد المشرع لتقديم مطلب التحفيظ بشأنها، و لا مدى قابليتها للتقييد في الرسم العقاري.
إن الحقوق العرفية الإسلامية التي كانت قائمة قبل سريان مدونة الحقوق العينية وحدها التي تقبل التقييد من جهة، إذ بعد تنفيذ هذا الظهير، لا يمكن التعرض للمطالبة على هذه الحقوق لأنها لم تعد من الحقوق العينية القابلة للتقييد ولا المطالبة بها قصد إجراء التحفيظ بشأنها.
لقد أسقط المشرع من الفصل 10 صاحب حق الاستعمال و السكنى والرهن الحيازي، والحال أنها من الحقوق العينية الأصلية التي عددها في المادة 9 من مدونة الحقوق العينية. إضافة إلى أن هذه المادة نصت على حق العمري ضمن الحقوق العينية الأصلية و الأكثر تنظيما في الفقه الإسلامي، وأسقطها عند إمكانية أن تكون موضوع مطلب التحفيظ.
لم يعد بإمكان الرهن الرسمي المنصوص عليه في الفصل 10 أن يتقدم بطلب للتحفيظ بعدما كان الحق مقررا له سابقا شريطة موافقة رب الملك، وربما اتجه الموقف إلى أن الرهن الرسمي لا يمكنه أن يرد إلا العقار المحفظ دون العقار في طور التحفيظ، وإذا أبرم عقد الرهن فإن يودع في إطار الفصل 84 شأنه شأن جميع التصرفات الناشئة بين الأحياء.
ولا يأخذ هذا الرهن صفة الرهن الرسمي إلا بعد إنشاء الرسم العقاري و تقييد هذا الرهن في نفس الرتبة الذي أودع بها.
لكن المشرع لم يظل وفيا لهذا التصور، وجاء في الفصل 165 من مدونة الحقوق العينية أن الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ ، ويخصص لضمان أداء دين.
فكيف يرد الرهن الرسمي على العقار في طور التحفيظ و الحال أنه هو الذي يفيد بصفة نهائية في الرسم العقاري و يحتفظ برتبته و صلاحيته بدون إجراء جديد إلى أن يقيد الإبراء من الدين.
في حين أن العقار في طور التحفيظ لا ترد عليه التقييدات وما يزال في المرحلة السابقة عن تأسيس الرسم العقار ي.
لو كان الرهن الرسمي يرد على العقار في طور التحفيظ فلماذا لم ينظم قواعده كما هو الأمر بالرهن الوارد على العقار المحفظ؟
إذ ليس هناك من وسيلة قانونية يمكن أن نتصور معها الحديث عن الرهن الرسمي على العقار في طور التحفيظ غير مسطرة الإيداع و التي تحفظ الرتبة عند إنشاء الرسم العقاري. وإذا قضي بصحة التعرض، قضي برفض الطلب، وانقضت الضمانة الرهينة بالمال لأنها وردت على وعاء لا يدخل ضمن ملكية المدين الراهن.
إذ ما لم يستطع واضعو النص التشريعي تبريرا إلى وجود بعض النصوص الخاصة التي تسمى الرهن الوارد على العقار في طور التحفيظ بالرهن الرسمي هدفا من الحصول على شهادة التقييد الخاصة، والاستفادة من اعتبارها سندا تنفيذيا يغني عن الرجوع إلى قضاء الموضوع للحكم بالمديونية وممارسة إجراءات الحجز العقاري.
وخلاصة القول،  فإن واضعي قانون التحفيظ العقاري عكس واضعي مدونة الحقوق العينية حيث التنافر واضح من خلال بعض من نصوصها.
ثانيا: حدد المشرع شكل مطلب التحفيظ والجهة التي يقدم إليها، وإمكانية تقديمه عن الغير بوكالة، والبيانات التي يتعين أن يحتويها وبهذا الخصوص نبدي ما يلي:
سمح المشرع تقديم المطلب بوكالة صحيحة وأسقط من النص القانوني الملغى أن تكون الوكالة خاصة.
إذ يكفي أن يكون للوكيل وكالة عامة بالإدارة والتسيير حتى يسمح له بتقديم مطلب التحفيظ.
جاء المشرع بعبارة «وكالة صحيحة» وهذا النعت زيادة غير مبررة إذ ليس هناك وكالة صحيحة ووكالة غير صحيحة فالصواب أن تتوفر في الوكالة جميع مقوماتها القانونية لتنتج آثارها القانونية.
وقد يكون القصد من هذه الإضافة، أن يتأكد المحافظ من استجماعها لجميع أركانها وشروطها المتطلبة قانونا، إلا أن هذا التنبيه مجرد من أي فائدة، لأن هذه المراقبة القبلية للوثائق تدخل أصلا في وظيفة المحافظ وليست بالتزام إضافي يجب التنبيه إليه.
أوجب على طالب التحفيظ الإشارة إلى وجود الاتفاق المحدد للنظام المالي للزوجين طبقا للفصل 49 من مدونة الأسرة.
لأن وجود مثل هذا الاتفاق، يقتضي أخذه بعين الاعتبار أثناء تأسيس الرسم العقاري، و جميع التقييدات الواردة على الأخير.
ولقد تفادى النص الجديد ما وقع التنصيص عليه صراحة على تقييد مطلب التحفيظ على الشخص الطبيعي أو الاعتباري على حد سواء، و بعدما كان النص القديم لا ينص إلا على الشخص الطبيعي، مما دعا الإدارة المكلفة بالمحافظة إلى إصدار دورية بخصوص الموضوع.
ومن جهة ثالثة، يتعين أن يحتوي المطلب بيان مصدر التملك، إذ أصبح المحافظ يتحقق من جدية المطلب قبل تقديمه، و هذا ما شكل اتجاه المحافظات من خلال إحدى دوريات المحافظ العام الأخيرة.
ثالثا: الفصل 18:
بعد أن عدد المشرع الجهات التي يرسل إليها ملخص المطلب و الإعلان عن التحديد، جاء في هذا الفصل و أسقط قاضي الصلح، و اقتصر على رئيس المجلس الجماعي الذي يقع العقار في دائرته، و ذلك قبل تاريخ التحديد بعشرين يوما، وكان سيكون دقيقا لو وجه الملخص المطلب و الإعلان عن التحديد لا إلى رئيس المحكمة الابتدائية، وإنما إلى القاضي المقيم لمكان وجود العقار إن وجدت هذه المؤسسة.
وهذا الأمر لا يعدو أن يكون بسيطا، لأن التنسيق بين محكمة الاستئناف و المحافظة العقارية يسمح بمعرفة هذا الأخير بمجموع مراكز القاضي المقيم التابعة له، إذ عادة ما تبعد المحكمة الابتدائية بمائة كيلومتر عن مكان وجود العقار و بالقرب منه يوجد مركز القاضي المقيم.
ومن جهة أخرى، كان الأجدر أن يحدد مفهوم ممثل السلطة      الذي يبدأ من الخلفية مرورا بالقائد و رئيس الدائرة.
- وقع الاستغناء على شهادة مفصلة بعدد و مكان الإشعارات التي تم إنجازها من طرف القائد، و اقتصر على الإشعار بالتوصل. وأقل ما يمكن أن التشريع هدف إلى الإنقاص من الضمانات المقررة من أجل ضمان نشر أوسع، و أصبح قانون الفرنسيين أكثر ضمانة و حماية من القانون الذي وضعه بنو جلدتنا.


بقلم: عمر أزوغار: محام بهيأة الدار البيضاء

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا