Sunday, November 09, 2014

دراسة في القانون : الحجز التحفظي بمشروع قانون المسطرة المدنية


من خلال الاطلاع على مشروع قانون المسطرة المدنية، خاصة المقتضيات المتعلقة بالحجز التحفظي استوقفتنا مجموعة من الملاحظات ارتأينا عرضها وتناولها، مادام مشروع قانون المسطرة المدنية في طور الإعداد، وما دام محل نقاش وسيستمر النقاش بدون شك بشأنه أمام المؤسسة التشريعية، وهي ملاحظات تهم بالأساس المادتين 549 و 552 من المشروع. المادة 549 : يصدر الأمر المبني على الطلب بالحجز التحفظي عن رئيس المحكمة، لضمان أداء دين له ما يرجح جديته وتحققه ويحدد هذا الأمر، ولو على وجه التقريب مبلغ الدين الذي رخص الحجز بسببه ويبلغ وينفذ دون تأخير . يتعين على طالب الحجز رفع دعوى في الموضوع  داخل عشرة أيام  من تاريخ صدور الأمر بالحجز، وفي حالة عدم إدلاء طالب الحجز  بما يثبت قيامه بذلك داخل الأجل المذكور، يعتبر الحجز لاغيا ويشطب عليه تلقائيا .″
المادة 552: ″ إذا تعلق الحجز التحفظي بعقار محفظ  أو في طور التحفيظ، فإن الأمر الصادر به يوضع بالمحافظة العقارية لتقييده بسعي من المستفيد منه .
إذا تعلق الأمر بحجز تحفظي  على عقار غير العقارات المشار إليها  في الفقرة أعلاه  حدده المحضر ببيان مكان وجوده وحدوده ومساحته إن أمكن، مع الإشارة إلى كل المعلومات المفيدة وترسل نسخة من الأمر بالحجز والمحضر بواسطة المكلف بالتنفيذ إلى رئيس المحكمة الابتدائية،  قصد تقييده بسجل خاص موضوع رهن إشارة العموم ويقع الإشهار علاوة على ذلك لمدة خمسة عشر يوما  بتعليق الإعلان بالمحكمة وكذا بالقيادة و السوق المحلي  اللذين يوجد بدائرتهما العقار على نفقة الحاجز.″
أولا :الإشكالات التي تثيرها المادة 549
1_ تحديد مدة الحجز التحفظي 
لقد حدد مشروع قانون المسطرة المدنية أجل الحجز التحفظي في عشرة أيام من تاريخ صدوره، ويبدو واضحا من خلال هذا المقتضى، أن واضعي مشروع قانون المسطرة المدنية، حاولوا معالجة إشكالية هامة ترتبط بالحجز التحفظي، الذي لم تكن مدته محددة، بحيث يستمر الحجز لسنوات عديدة دون أن يبادر المستفيد منه إلى تقديم دعوى في الموضوع أو مواصلة إجراءات الحجز، وهو ما يشكل عائقا أمام تصرف المالك في ملكه مع ما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية، تجعل رصيدا عقاريا مهما خارج الدورة الاقتصادية وخارج سوق الائتمان، لذلك فإن تحديد مدة الحجز التحفظي يبقى فعلا توجها سليما و محمودا و إن كان الأجل المقرر يبقى قصيرا جدا .
والملاحظة الثانية التي يمكننا إبداؤها هي أن واضعي مشروع قانون المسطرة المدنية تأثروا فعلا بفلسفة المشرع المعتمدة في ضبط و تقنين مؤسسة التقييد الاحتياطي  من خلال تحديد مدة صلاحية الحجز  التحفظي الذي يشكل وسيلة لحماية الحق الشخصي، وكذلك من خلال الطريقة التي يمكن من خلالها ضمان بقاء الحجز منتجا، لآثاره القانونية، إذ نجد واضعي المشروع علقوا بقاء الحجز على ضرورة تقديم دعوى في الموضوع داخل أجل عشرة أيام  تحت طائلة اعتباره لاغيا وقابلا للتشطيب عليه تلقائيا. 
ثم إن مشروع قانون المسطرة المدنية باستعماله عبارة التشطيب التلقائي فهو بدون شك يقصد التشطيب الذي يقوم به المحافظ  و الذي يهم  الحجز التحفظي المقيد بالرسم العقاري أو المودع بمطلب التحفيظ  و بالتالي فالمحافظ  و بمجرد مضي مدة عشرة أيام سيقوم بالتشطيب على الحجز التحفظي تلقائيا .
 إلى حدود الآن الأمور تبدو واضحة، لكن التساؤل المطروح هو ذاك الغموض الذي يلف مسطرة استمرار الحجز، وهو ما سنتناوله في النقطة الموالية.
2 - ضمان استمرار الحجز بتقديم دعوى في الموضوع  
 لقد ألزمت  المادة 549 من المشروع، طالب الحجز بتقديم دعوى في الموضوع  وفي حالة عدم إدلائه بما يثبت قيامه بذلك سيتم التشطيب عليه التساؤل المطروح أمام من سيتم الإدلاء بما يفيد تقديم دعوى في الموضوع، هل أمام رئيس المحكمة أم أمام المحافظ  الملزم بالتشطيب التلقائي؟. المادة  549  من المشروع سكتت عن الأمر في موضع يقتضي التوضيح رفعا للإشكال الأمر الذي يجعلنا أمام فرضين :
- الإدلاء بمقال الدعوى أمام رئيس المحكمة . 
إذا تبنينا هذا الحل، فإن أول مسألة تعترضنا هي عدم الانسجام بين الأجل الذي هو عشرة أيام و بين مسألة رفع دعوى في الموضوع داخل أجل عشرة أيام، بمعنى أن طالب الحجز بإمكانه تقديم الدعوى إلى غاية اليوم العاشر، وبعد ذلك يدلي لرئيس المحكمة بما يفيد تقديم هذه الدعوى أي أن إخبار رئيس المحكمة بما يفيد تقديم الدعوى سيكون في اليوم الموالي، وفي هذه الحالة، فإن المحافظ لن يكون لديه أي علم بتقديم هذه الدعوى، وأجل عشرة أيام قد مضى وسيقوم لا محالة بالتشطيب على الحجز التحفظي في أقرب فرصة تتاح له مادام المشرع سمح بإمكانية التشطيب التلقائي وذلك لتحيين الرسوم العقارية، وحتى إذا أغفل المحافظ ذلك، فإن المحجوز عليه، سيتقدم لا محالة بطلب التشطيب، لذلك فإن الإدلاء بما يفيد تقديم دعوى في الموضوع أمام رئيس المحكمة، ليس إجراء كافيا لضمان بقاء الحجز في ظل الصياغة الحالية للمادة 549 من المشروع.
ثم التساؤل الآخر المطروح، هل يكفي فقط الإدلاء بنسخة من المقال أمام رئيس المحكمة أم أن استمرار الحجز يستلزم استصدار أمر جديد بالإبقاء على الحجز إلى حين البت في دعوى الموضوع، أو ما يمكن تسميته  بتصحيح الحجز. وأعتقد أن إخبار رئيس المحكمة بما يفيد تقديم دعوى الموضوع ليس كافيا، لأن هناك متدخلا آخر أناط به المشرع مهمة التشطيب على الحجز بمجرد انصرام الأجل، وهو المحافظ العقاري  لذلك يبقى من الضروري استصدار أمر جديد قبل مضي أجل عشرة أيام وتقديمه أيضا للمحافظ قبل مضي هذه المدة، لكن الملاحظ هو أن سلوك هذه المسطرة لا يتناسب مع أجل عشرة أيام  الذي يعتبر أجلا قصيرا وغير كاف بحيث أن سلوك ثلاث مساطر، وهي استصدار أمر الحجز التحفظي ثم تقديم دعوى في الموضوع، واستصدار أمر جديد باستمرار الحجز داخل هذا الأجل يبقى أمرا صعبا .


No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا