Wednesday, September 02, 2015

التعرض على حق في ظهير التحفيظ العقاري(3/1)

بقلم مبارك السباغي
 موثق بالدار البيضاء 

اختلطت الأوراق على المشرع خلال العقد الأول من القرن الحالي، عندما تطرق لمؤسسة التعرض وأضاف لها فقرة جديدة، دون أن
يبين الأسباب والأهداف المتوخاة من مقتضياتها. هذا التعديل هم الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 - 08 - 1913 والمعدل بالقانون رقم 14 - 07، إذ جاء فيه ما يلي : " يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه،
أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ، خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية، إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:   1-  في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار. 2-  في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه. 3-  في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون ".
نلاحظ أن مشرع قانون 14 - 07، قد أضاف الفقرة رقم 3 المذكورة أعلاه إلى الفصل الأصلي 24، دون أي مبرر يذكر، تاركا المجال مفتوحا لكل التأويلات والاحتمالات، والوقوع في الخطأ الذي إن حصل، تكون عواقبه وخيمة على طالب للتحفيظ. 
هذا من جهة، ومن جهة أخرى ورد في المادة 305 من القانون 39 - 08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية ما يلي: 
" إذا كان العقار في طور التحفيظ فلا يعتد بطلب الشفعة، إلا إذا ضمن الشفيع تعرضه بمطل التحفيظ المتعلق به".
هذه الكلمة («تعرض») هي بدورها استفزت عدة أقلام وخلقت مجالا للنقاش والتحليل والتأويل. وما زال الجدل والتناقض قائمين في غياب تحليل منطقي وقانوني وموضوعي لهذه الكلمة الفريدة في قانون مدونة الحقوق العينية، يوصلنا إلى المبتغى والهدف المقصودين من طرف المشرع. غير أن الاجتهاد الإداري من محافظين ومحافظ عام على الملكية العقارية حسم في الإشكالية، معتبرا أن المقصود من كلمة «تعرض» الواردة في المادة 305 المشار إليها أعلاه، لا يقصد منها التعرض المذكور في الفصل 24، بل لها علاقة بالتطهير العقاري لا بالنزاع القائم حول العقار المراد تحفيظه. بمعنى آخر للمادة 305 من (ق م ح ع) علاقة خوف وتخوف من الفصلين الأول و62 من (ظ ت ع)، لا أقل ولا أكثر. فوجود هذا «التعرض»، يعتبر ضوءا أحمر يمنع المحافظ العقاري من اتخاذ قرار التحفيظ إلى حين البت في الشفعة المعروض مقال استحقاقها على أنظار القضاء، محتفظا بملف مطلب التحفيظ الذي لا يحيله على القضاء إلا في حالة وجود تعرضات أخرى عادية تم قبولها طبقا للفصول 24 ، و 29 ( استثناء ) و26 و 27 و 31 و 32 من (ظ ت ع).
ما كان على المشرع المغربي أن يقنن بهذه الكيفية، لأن الفصلين معا مصدر عرقلة وتعقيد وضياع لحقوق الناس أكثر مما توقعه المشرع، وربما لن يفكر كثيراً في ما سينتج عنهما من سلبيات لا تخدم مصلحة أي جهة، ولا حتى في التناقض الواضح بين فقرات الفصل 24 التي لا تتناغم فيما بينها ولا تنسجم بالمرة.
2- التعريف بالفصلين 83 و 84 من ظهير التحفيط العقاري.
قبل التطرق لإشكالية الفصل 84، لا بأس من التعريف بمقتضياتها. لقد جاء في الفصل 84 ما يلي:» إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه- من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير- أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك. ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات.
يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت المسطرة بذلك". 
وورد في الفصل 83 ما يلي:» بغض النظر عن المسطرة المقررة في الفصل 84 من هذا القانون، يمكن لصاحب حق وقع إنشاؤه أو تغييره أو الإقرار به أثناء مسطرة التحفيظ أن يطلب نشره بالجريدة الرسمية بعد إيداع الوثائق المنشئة للحق بالمحافظة العقارية.
تتابع مسطرة التحفيظ بصفة قانونية مع أخذ الحق المنشأ أو المغير أو المقر به بعين الاعتبار. يكتسب صاحب هذا الحق المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف به. إذا كان الإعلان عن انتهاء التحديد قد تم نشره بالجريدة الرسمية، فيجب أن يعاد نشره من جديد ليفتح أجل شهرين للتعرض، يبتدئ من تاريخ الإعلان عن  الحق المنشأ أو المغير أو المقر به. وفي هذه الحالة لن تقبل إلا التعرضات المنصبة مباشرة على الحق المذكور . يؤخذ بعين الاعتبار عند التحفيظ الحق المنشأ أو المغير أو المقر به خلال المسطرة".
الفصل 84 خلافا للفصل 83 من (ظ ت ع) عمره أطول من الأخير، والدليل على ذلك، هو أن بدايته تبدأ مع فتح مطلب التحفيظ وتنتهي مع نهايته أي عند إلغائه أو تحويله إلى رسم عقاري. أما الفصل 83، في غالب الأحيان يجد أرضية ملائمة له قبل انتهاء أجل التعرضات، لأنه إذا استعمل بعد انتهاء هذا الأجل، تُفتح آجال التعرضات من جديد، الشيء الذي لا يرغب فيه المستفيد من الحق الذي آلِ إليه، خوفا من مواجهته من طرف أشخاص معترضين جدد أو من مرت عليهم فرصة التعرض من قبل. وقد يلجأ المحافظ إلى استعمال الفصل 83 ما بعد المرحلة القضائية تنفيذا للأحكام القضائية النهائية والباثة في صحة التعرضات.
أما الفصل 84 فيبقى نشيطا لا يبالي لا بالمرحلة الإدارية ولا بالمرحلة القضائية، لأنه مجرد «غرفة» تحتضن كل الإيداعات الناتجة عن تصرفات من بيع وقسمة وتبرع وشفعة ورهن وحجز ومبادلة وغيرها. غير أنه في اختيار أحد الفصلين، يجب مراعاة المرحلة التي وصل إليها مطلب التحفيظ والأشواط التي قطعها. فكلما اقترب من النهاية إلا وكان الفصل 84 الأفضل، لأن باب التعرضات قد سد، وتأسيس الرسم العقاري قريب الولادة.
 وأشير إلى نقطة أخرى، هو أن الفصل 84، يمكن أن يتحول إلى الفصل 83، والعكس غير صحيح. صاحب الفصل 84، يوجد في قاعة الانتظار، ومكانته توجد خلف طالب التحفيظ ولا أهلية له في الدفاع عن حقوقه وعن مصير مطلب التحفيظ، لأن المؤهل والمسؤول عن مسطرة التحفيظ هو طالب التحفيظ دون أصحاب الفصل 84. أما إن فضل صاحب الفصل 84 أن تصبح له الأهلية والصفة، عليه أن يستعمل الفصل 83 الذي يعطيه صفة طالب التحفيظ وبذلك يحل محل سلفه بعد نشر خلاصة إصلاحية بالجريدة الرسمية.
 وللتوضيح أكثر، أعطي أمثلة: 
كأن يبيع طالب التحفيظ كافة الملك ذي المطلب المعني ذي مساحة تقريبية لن تحدد بعد، لمشتر له الخيار بين الفصلين 83 و84. الاختيار للأول أو للثاني جائز، ولكن الأفضل هو الفصل 83. لماذا؟، لأن أجل التعرضات ما زال مفتوحا وأن متابعة إجراءات التحفيظ من طرف البائع الذي قد يتراخى ولا يهتم بشيء فوته للغير،لا تضمن للمشتري الحزم والسهر على مصالحه لو كان هو طالب التحفيظ.
أما إذا باع طالب التحفيظ كافة ملكه للغير بعد انتهاء أجل التعرضات في المرحلة الإدارية أو حتى القضائية، فلا مفر من استعمال الفصل 84، الأفضل للمشتري الذي عليه البقاء وراء طالب التحفيظ.
3- إشكالية التعرض في حالة المنازعة في «حق» وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84.
التعرض على إيداع ( الفصل 84 )، خطأ من المشرع، لأن كل ما لا ينشر بالجريدة الرسمية يعتبر غير موجود. إذ يبقى «الحق» مخبئا وغير معروف. الهدف من النشر بالجريدة الرسمية هو تدعيم حق طالب التحفيظ من جهة، وتمكين أي شخص آخر من العلم بمسطرة التحفيظ لكي يدافع عن حقه عن طريق التعرض، في مواجهة طالب التحفيظ. لا يمكن أن تنجح مسطرة التحفيظ ولا يمكن تأسيس أي رسم عقاري نهائي إلا بفضل  النشر بالجريدة الرسمية.
المصدر :جريدة الصباح المغربية.

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا