Sunday, September 06, 2015

التعرض على حق في ظهير التحفيظ العقاري(3/3)

بقلم مبارك السباغي
 موثق بالدار البيضاء


- 5 - إشكالية آجال التعرضات.
كل هذا لنبين أن الإيداع طبقا للفصل 84 لا يرقى إلى حجية وجود الحق لأنه يبقى معزولا عن المسطرة الإدارية والقضائية للتحفيظ، ولا شيء يربط بينهما، ما لم يتحول هذا الإيداع إلى خلاصة إصلاحية خلال مسطرة التحفيظ أو تقييد متزامن مع تأسيس الرسم العقاري.

قد نتساءل: ما علاقة هذا الإيداع بطالب التحفيظ؟. فعلا قد يكون خلفه الخاص ولا حق له في أن يحل محل طالب التحفيظ. هذا الأخير يبقى المسؤول الوحيد عن متابعة مسطرة التحفيظ ولو أنه باع كافة مطلبه لخلفه الذي فضل الفصل 84 على الفصل 83.
وحتى لو افترضنا شرعية التعرض على إيداع، فمتى يمكن التعرض؟ . هل خلال شهرين من تاريخ الإيداع ؟. أم لا يمكن التعرض إلا داخل الأجل المنصوص عليه في الفصل 24 ؟. الجواب هو أنه لا يمكن ربط التعرض بالإيداع في جميع الحالات، لأن المشرع لن يحدد أجلا خاصا غير الآجال المنصوص عليها في الفصل 24. بمعنى آخر إن الفصل 24 كل لا يتجزأ، وأن كل تعرض كيفما كان نوعه وشكله، يجب أن يقدم للمحافظ داخل الأجل القانوني وهو أجل الشهرين المتتابعين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية، باستثناء التعرض من أجل الشفعة، الذي هو في الحقيقة مجرد بيان أو إعلان، أو إشارة للمحافظ كي يتريث في اتخاذ قرار التحفيظ إلى أن يتوصل بأحكام نهائية، وإلا تُعرقَل مسطرة التحفيظ، وتبقى عالقة، بل لا أمل في أن تنتهي تعرضات الفصل 84، وبالتالي لا أمل في تأسيس الرسم العقاري. لذلك وجب القول إن أجل التعرضات المنصوص عليه في الفصلين 24 و27 من (ظ ت ع)، أجل قطعي مرتبط بسير مسطرة التحفيظ، إذ أنه بعد التحديد النهائي، لابد من إغلاق باب التعرضات بصفة نهائية، كي يتحول مطلب التحفيظ إلى رسم عقاري نهائي وغير قابل للطعن، أو يلغى من طرف المحافظ، بمعنى أنه يجوز حسب النص القانوني، التعرض على إيداع الفصل 84، داخل أجل التعرضات، ويستحيل قبوله خارج الأجل القانوني المقرر في الفصل 24. 
فبأي منطق استحالة التعرض على مطلب التحفيظ أي ضد طالب التحفيظ، خارج الآجال القانونية، وإمكانية التعرض على إيداع أي ضد المستفيد من الفصل 84 خارج أجل التعرضات؟. هذا من باب العبث.
وقد نتساءل هل من حق المحافظ قبول تعرضات خارج أجل التعرضات، على «حقوق» تم الإعلان عنها طبقا للفصل 84. طبعا لا يمكنه قبولها لأنها ليست في مواجهة طالب التحفيظ من جهة ومن جهة أخرى، سيكون المحافظ مجبرا على قبول كل الطلبات لأنه ليس هناك تمييز بين إيداع وآخر، طالما أن الطلب الهادف إلى التعرض ينصب على الإيداع (الفصل 84)، لا ضد مطلب التحفيظ الذي انتهى أجل التعرض عليه، وبالتالي لا مجال لتطبيق مقتضيات الفصل 29 من (ظ ت ع). 
وإن افترضنا أنه تم تدوين تعرض على إيداع داخل الأجل القانوني للتعرضات، وقرر صاحب الإيداع نشر خلاصة إصلاحية بالجريدة الرسمية لمتابعة إجراءات التحفيظ شخصيا خوفا من إلغاء مطلب التحفيط من طرف المحافظ نتيجة تراخي طالب التحفيظ الذي أصبح بعد البيع، غير مهتم بمتابعة مسطرة التحفيظ. هنا ما مصير التعرض المنصب على إيداع لن يبقى له أثر بعد أن حل محله الفصل 83 ؟. ربما نقول أن المحافظ ملزم بتحويله إلى تعرض ضد طالب التحفيظ. إذن نرجع إلى نقطة الصفر، ونتيجة لذلك، أحسن طريق للتعرض هي التعرض ضد مطلب التحفيظ خلال الأجل القانوني، كما ورد في الفصل 24 بصريح العبارة التي تقول:»» يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ...». 
وبالتالي يجب إلغاء الفقرة الأخيرة من الفصل 24 («...في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون»)، لأنها تتناقض كل التناقض مع الفقرة المشار إليها أعلاه.
المسطرة الإدارية للتحفيظ والقضائية إن اقتضى الحال ذلك، لا تبالي بالإيداعات التي  يشهدها مطلب التحفيظ، ولن يكن لها تأثير على مطلب التحفيظ إلا بعد تحويلها إلى الفصل 83 الذي يلزم النشر بالجريدة الرسمية للحقوق المودعة طبقا للفصل 84.
- 6 - الخلاصة.
نستخلص من هذه الدراسة، أن التعرض واحد لمن يدعي حقا على عقار تماشيا مع ما يتضمنه الفصل 24. ولا يمكن أن يتم إلا في هذا الإطار ونتيجة لذلك يجب على مشرع قانون 14 / 07، التفكير في حذف الفقرة الأخيرة من الفصل 24، والإبقاء على صياغة وصيغة الفصل 24 كما كانت سابقا. 
نظام التحفيظ العقاري عامة ومسطرة التحفيظ خاصة، يسعيان إلى تطهير العقار وجعله نقيا سليما مطهرا، ومؤسسة التعرض لا تقارن إلا بمطلب التحفيظ، وجميع الأحكام القضائية والفقه والاجتهادات القضائية تقر بذلك. والدليل على ذلك ما جاء في الفصول التابعة للفرع الرابع والفرع الخامس من الباب الثاني من القسم الأول المتعلق بالتحفيظ، في المرحلة الإدارية والمرحلة القضائية التي تبين العلاقة الوطيدة بين طالب التحفيظ والمتعرض وما ورد في عدة قرارات قضائية.
التعرض دائما على حق تم نشره بالجريدة الرسمية لا على حق تم إيداعه طبقا للفصل 84، وإلا سيتم قبول تعرض على إيداع والمطلب تم إرجاعه للمحافظ العقاري بأحكام قضائية نهائية. فإن كانت لصالح المتعرض، وجب نشر خلاصة إصلاحية كي يصبح المتعرض طالب التحفيظ من جهة، ولكي يتسنى لمن له حق على الحق المعترف به قضاء، أن يتعرض. إذن التعرض دائما ضد طالب التخفيظ، لا ضد شخص ليست له صفة طالب التحفيظ.
يستنتج من الفصل 24، أن الهدف من التعرض هو إنهاء المنازعة قضاء إما بحكم في الموضوع أو بحكم بالتنازل. وبعد ذلك يأتي دور المحافظ لاتخاذ القرار المناسب حسب ما حكم به القضاء، إما بتحفيظ العقار أو بتعديل مطلب التحفيظ بنشر خلاصة إصلاحية بالجريدة الرسمية، أو بإلغائه، تحت مسؤوليته الشخصية، عملا بمقتضيات الفصل 37 من (ظ ت.ع. )
في الأخير، نستشف مما تم تحليله وبيانه أعلاه، أن التعرض بمفهومه الحقيقي هو النزاع الذي تفرضه مصلحة المتعرض في أن يتدخل في مسطرة التحفيظ، دفاعا عن حقوقه المُحتملة سواء كانت حقوقا لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالعقار المراد تحفيظه أو حول حدوده المتنازع بشأنها، أو كانت حقوقا عينية انبثقت من الملكية التامة للملك ذي مطلب التحفيظ.
إذن، كل شخص يرى ضررا في مسطرة التحفيظ، ويشعر بخوف من ضياع حقوقه، كيفما كان نوعها وشكلها ومداها، من حقه التعرض على مسطرة التحفيظ. هذه المسطرة هي الأساس والمبتغى من التحفيظ العقاري. والتحفيظ العقاري معناه إخضاع العقار للمسطرة الإدارية واستثناء للمسطرة القضائية كي يضع حدا لكل ادعاء ومنازعة.
* موثق بالدار البيضاء

No comments :

اضافة تعليق

الرجاءالتعليق باللغة العربية الفصحى

page

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مدونة القانون المغربي
تصميم : يعقوب رضا